ولما حكى الله عنهم هذه الشبهة أمر محمدا صلى الله عليه وسلم أن يجيب عن هذه الشبهة بقوله { قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي } وبيان هذا الجواب كأنه يقول إني لا أقدر أن أحملكم على الإيمان جبرا وقهرا فإني بشر مثلكم ولا امتياز بيني وبينكم إلا بمجرد أن الله عز وجل أوحى إلي وما أوحى إليكم فأنا أبلغ هذا الوحي إليكم ، ثم بعد ذلك إن شرفكم الله بالتوحيد والتوفيق قبلتموه ، وإن خذلكم بالحرمان رددتموه ، وذلك لا يتعلق بنبوتي ورسالتي ، ثم بين أن خلاصة ذلك الوحي ترجع إلى أمرين : العلم والعمل ، أما العلم فالرأس والرئيس فيه معرفة التوحيد ، ذلك لأن الحق هو أن الله واحد وهو المراد من قوله { أنما إلهكم إله واحد } وإذا كان الحق في نفس الأمر ذلك وجب علينا أن نعترف به ، وهو المراد من قوله { فاستقيموا إليه } ونظيره قوله { اهدنا الصراط المستقيم } وقوله { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا } وقوله تعالى : { وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه } وفي قوله تعالى : { فاستقيموا إليه } وجهان ( الأول ) فاستقيموا متوجهين إليه ( الثاني ) أن يكون قوله { فاستقيموا إليه } معناه فاستقيموا له لأن حروف الجر يقام بعضها مقام البعض .
واعلم أن التكليف له ركنان ( أحدهما ) الاعتقاد والرأس والرئيس فيه اعتقاد التوحيد ، فلما أمر بذلك انتقل إلى وظيفة العمل والرأس والرئيس فيه الاستغفار ، فلهذا السبب قال : { واستغفروه } فإن قيل المقصود من الاستغفار والتوبة إزالة ما لا ينبغي وذلك مقدم على فعل ما ينبغي ، فلم عكس هذا الترتيب هاهنا وقدم ما ينبغي على إزالة ما لا ينبغي ؟ قلنا ليس المراد من هذا الاستغفار الاستغفار عن الكفر ، بل المراد منه أن يعمل ثم يستغفر بعده لأجل الخوف من وقوع التقصير في العمل الذي أتى به كما قال صلى الله عليه وسلم : «وإنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم والليلة سبعين مرة » .
ولما رغب الله تعالى في الخير والطاعة أمر بالتحذير عما لا ينبغي ، فقال : { وويل للمشركين * الذين لا يؤتون الزكواة وهم بالآخرة هم كافرون } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.