السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قُلۡ إِنَّمَآ أَنَا۠ بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡ يُوحَىٰٓ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞ فَٱسۡتَقِيمُوٓاْ إِلَيۡهِ وَٱسۡتَغۡفِرُوهُۗ وَوَيۡلٞ لِّلۡمُشۡرِكِينَ} (6)

ولما أخبروا بإعراضهم وعللوا بعدم فهمهم لما يدعو إليه أمر الله سبحانه وتعالى نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بجواب يبين أنهم على محض العناد فقال تعالى : { قل } أي : لهؤلاء الذين عجزوا عن رد شيء من أمرك بشيء يقبله ذو عقل فادعوا ما ينادى عليهم بالعجز { إنما أنا بشر مثلكم } أي : لست غير بشر مما لا يرى كالملك والجني بل واحد منكم والبشر يرى بعضهم بعضاً ويسمعه ويبصره فلا وجه لما تقولونه أصلاً { يوحى إلي } أي : بطريق تخفى عليكم ولولا الوحي ما دعوتكم { أنما إلهكم } أي : الذي يستحق العبادة { إله واحد } لا غير واحد ، وهذا ما دلت عليه الفطرة الأولى السوية وقامت عليه الأدلة العقلية وأيدتها في كل عصر الطرق النقلية وانعقد عليه الإجماع في أوقات الضرورة النفسانية ، قال الحسن : علمه الله تعالى التواضع .

ولما قطع حجتهم وأزال علتهم تسبب عن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : { فاستقيموا إليه } أي : غير معوجين أصلاً على نوع شرك بشفيع ولا غيره ، وعدى بإلى لتضمنه معنى توجهوا والمعنى : وجهوا استقامتكم إليه بطاعته ولا تميلوا عن سبيله { واستغفروه } أي : اطلبوا منه غفران ذنوبكم وهو محوها عيناً وأثراً حتى لا تعاقبوا عليها ولا تعاتبوا بالندم عليها والإقلاع عنها حالاً ومآلاً ، ثم هدد على ذلك فقال : { وويل } كلمة عذاب أو واد في جهنم { للمشركين } أي : من فرط جهالتهم واستخفافهم بالله تعالى .