تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قُلۡ إِنَّمَآ أَنَا۠ بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡ يُوحَىٰٓ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞ فَٱسۡتَقِيمُوٓاْ إِلَيۡهِ وَٱسۡتَغۡفِرُوهُۗ وَوَيۡلٞ لِّلۡمُشۡرِكِينَ} (6)

الآية 6 [ وقوله عز وجل ]{[18399]} { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ } هذا الحرف يخرّج على وجهين :

أحدهما : كأنه يقول لهم { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ } أفهم ، وأعقل [ ما ]{[18400]} { يوحى إلي } وأسمع ذلك . فأنتم في قولكم : { وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آَذَانِنَا وَقْرٌ } لا عذر لكم في ذلك لأنه إنما يحجبكم عن ذلك ، ويغطي قلوبكم عن فهم ذلك ، الكفر الذي أنتم عليه والضلال الذي أنتم فيه . فاتركوا ذلك حتى تفهموا ، وتعقلوا ، ما تُدعون إليه ، وتُؤمرون به كما أفهم أنا ، وأعقل ، إذ { أنا بشر مثلكم } والله أعلم .

والثاني : يقول : { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ } أي إنما { أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ } أمرت أن أبلّغكم{[18401]} { أنما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه } وإلا لو [ لم أومر ]{[18402]} بتبليغ الرسالة إليكم إنما إلهكم إله واحد لكنت أترككم وما أنتم عليه لقولكم{[18403]} : { وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آَذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ } .

على هذين الوجهين تأويل الآية ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ } قال بعضهم : أي فاستقيموا إليه بالطاعة . وقيل : أي استقيموا إلى ما دعاكم إليه من التوحيد .

وقوله تعالى : { وَاسْتَغْفِرُوهُ } أي انتهوا عما أنتم عليه من الكفر والضلال ليغفر لكم ما كان منكم في حال الكفر كقوله تعالى : { إن ينتهوا يُغفَر لهم ما قد سلف } [ الأنفال : 38 ] .

ويحتمل : أي كونوا على حال بحيث يقبل استغفاركم وطلب تجاوزكم .


[18399]:ساقطة من الأصل وم.
[18400]:من م، ساقطة من الأصل وم.
[18401]:في الأصل وم: أبلغ إليكم.
[18402]:في الأصل وم: أمر.
[18403]:في الأصل وم: كقولكم.