تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَإِذۡ قَالَ لُقۡمَٰنُ لِٱبۡنِهِۦ وَهُوَ يَعِظُهُۥ يَٰبُنَيَّ لَا تُشۡرِكۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ} (13)

12

{ وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم . }

التفسير :

واذكر إذ قال لقمان الحكيم لابنه المشفق عليه وهو ينصحه ويقدم له التذكير بالخير فيما يرق له القلب قائلا له : { يا بني لا تشرك بالله . . . } أي اعبد الله وحده ، ولا تشرك بعبادته أحدا من خلقه ، فليس من العدل أن تسوى بين الخالق الرازق الذي بيده الخلق والأمر وهو على كل شيء قدير وبين من لا يخلق ولا يرزق ولا يتصور منه شيء من ذلك .

{ إن الشرك لظلم عظيم . } أي أعظم الظلم والظلم هو وضع الشيء في غير موضعه ومن أشرك بالله فقد وضع العبادة والتأليه والخضوع والدعاء في يغر موضعه .

روى البخاري ومسلم عن عبد الله قال لما نزلت : { الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم . . . } ( الأنعام : 82 ) شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : أينا لم يلبس إيمانه بظلم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنه ليس بذاك إلا تسمع إلى قول لقمان : يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم " . vii

وفي الحديث الصحيح أن رجلا قال يا رسول الله أي الذنب أعظم ؟ قال : " أن تجعل لله ندا وهو خلقك " قال ثم أي ؟ قال : " أن تقتل ولدك مخافة أن يأكل معك " قال : ثم أي ؟ قال : " أن تزاني حليلة جارك " . viii

***

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِذۡ قَالَ لُقۡمَٰنُ لِٱبۡنِهِۦ وَهُوَ يَعِظُهُۥ يَٰبُنَيَّ لَا تُشۡرِكۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ} (13)

{ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ } أو قال له قولا به يعظه بالأمر ، والنهي ، المقرون بالترغيب

والترهيب ، فأمره بالإخلاص ، ونهاه عن الشرك ، وبيَّن له السبب في ذلك فقال : { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } ووجه كونه عظيما ، أنه لا أفظع وأبشع ممن سَوَّى المخلوق من تراب ، بمالك الرقاب ، وسوَّى الذي لا يملك من الأمر شيئا ، بمن له الأمر كله ، وسوَّى الناقص الفقير من جميع الوجوه ، بالرب الكامل الغني من جميع الوجوه ، وسوَّى من لم ينعم بمثقال ذرة [ من النعم ]{[666]}  بالذي ما بالخلق من نعمة في دينهم ، ودنياهم وأخراهم ، وقلوبهم ، وأبدانهم ، إلا منه ، ولا يصرف السوء إلا هو ، فهل أعظم من هذا الظلم شيء ؟ ؟ !

وهل أعظم ظلما ممن خلقه اللّه لعبادته وتوحيده ، فذهب بنفسه الشريفة ، [ فجعلها في أخس المراتب ]{[667]}  جعلها عابدة لمن لا يسوى شيئا ، فظلم نفسه ظلما كبيرا .


[666]:- زيادة من ب.
[667]:- زيادة من ب. - زيادة من ب.
 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَإِذۡ قَالَ لُقۡمَٰنُ لِٱبۡنِهِۦ وَهُوَ يَعِظُهُۥ يَٰبُنَيَّ لَا تُشۡرِكۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ} (13)

قوله تعالى : " وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه " قال السهيلي : اسم ابنه ثاران ، في قول الطبري والقتبي . وقال الكلبي : مشكم . وقيل أنعم . حكاه النقاش . وذكر القشيري أن ابنه وامرأته كانا كافرين فما زال يعظهما حتى أسلما .

قلت : ودل على هذا قوله : ( لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ) . وفي صحيح مسلم وغيره عن عبد الله قال : لما نزلت " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " {[12578]} [ الأنعام : 82 ] شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : أينا لا يظلم نفسه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليس هو كما تظنون إنما هو كما قال لقمان لابنه : يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ) . واختلف في قوله : " إن الشرك لظلم عظيم " فقيل : إنه من كلام لقمان . وقيل : هو خبر من الله تعالى منقطعا من كلام لقمان متصلا به في تأكيد المعنى ، ويؤيد هذا الحديث المأثور أنه لما نزلت : " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " [ الأنعام : 82 ] أشفق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : أينا لم يظلم ؟ فأنزل الله تعالى : " إن الشرك لظلم عظيم " فسكن إشفاقهم ، وإنما يسكن إشفاقهم بأن يكون خبرا من الله تعالى ، وقد يسكن الإشفاق بأن يذكر الله ذلك عن عبد قد وصفه بالحكمة والسداد . و " إذ " في موضع نصب بمعنى اذكر . وقال الزجاج في كتابه في القرآن : إن " إذ " في موضع نصب ب " آتينا " والمعنى : ولقد آتينا لقمان الحكمة إذ قال . النحاس : وأحسبه غلطا ؛ لأن في الكلام واوا تمنع من ذلك . وقال : " يا بنيِّ " بكسر الياء ؛ لأنها دالة على الياء المحذوفة ، ومن فتحها فلخفة الفتحة عنده ؛ وقد مضى في " هود " {[12579]} القول في هذا . وقوله : " يا بني " ليس هو على حقيقة التصغير وإن كان على لفظه ، وإنما هو على وجه الترقيق ، كما يقال للرجل : يا أخي ، وللصبي هو كويس .


[12578]:راجع ج 7 ص 29 فما بعد.
[12579]:في نسخ الأصل: يوسف" وهو تحريف. راجع ج 9 ص 39.