تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{يُطَافُ عَلَيۡهِم بِصِحَافٖ مِّن ذَهَبٖ وَأَكۡوَابٖۖ وَفِيهَا مَا تَشۡتَهِيهِ ٱلۡأَنفُسُ وَتَلَذُّ ٱلۡأَعۡيُنُۖ وَأَنتُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (71)

67

المفردات :

صحاف : واحدها صحفة ، وهي إناء كالقصعة ، قال الكسائي : أكبر أواني الأكل الجَفْنة ، ثم القَصْعة ، ثم الصحفة ، ثم المِئكلة .

أكواب : جمع كوب ، وهو كوب لا أذن له .

التفسير :

71- { يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون } .

يتمتع أهل الجنة بنعيم مقيم ، ويطاف عليهم بالطعام في أوان من ذهب ، ويطاف عليهم بالشراب في أكواب من ذهب ، وفي الجنة نعيم لا نهاية له ولا حدود ، وخيرات الجنة تشتهيها النفوس ، وتسعد بها العيون ، وينال المؤمن في الجنة كل ما يطلب ، وكل ما تشتهي ، وأهلها خالدون باقون في هذا النعيم الدائم الذي لا ينقطع ولا يزول .

ويتعلق بهذه الآية أن الأكل في أواني الذهب والفضة محرم في الدنيا ، وهو من نعيم الجنة للمؤمنين ، روى البخاري ، ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تلبسوا الحرير ولا الديباج ، ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة ، ولا تأكلوا في صحافهما ، فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة )21 .

قال أبو السعود :

{ وأنتم فيها خالدون } .

باقون دائمون لا تخرجون منها أبدا ، وهذا من إتمام النعمة ، وإكمال السرور ، فإن كل نعيم زائل موجب لخوف الزوال . اه .

والآية جمعت من النعيم ما يأتي :

( أ ) المطاعم والمشارب .

( ب ) ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين .

( ج ) الخلود في دار النعيم .

فما أعظم هذا الفضل والنعيم في مرضاة الله رب العالمين .

وذكر بعض المفسرين في معنى : { وتلذ الأعين . . . } قال : النظر إلى وجه الله الكريم .

قال تعالى : { وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة } . ( القيامة : 22 ، 23 ) .

وهي أعلى درجة في الجنة ، أن يتمتع المتقون بلذة النظر إلى وجه الله الكريم ، وفي الحديث الصحيح : ( إنكم ترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تشكون في رؤيته ، فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا )22 .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يُطَافُ عَلَيۡهِم بِصِحَافٖ مِّن ذَهَبٖ وَأَكۡوَابٖۖ وَفِيهَا مَا تَشۡتَهِيهِ ٱلۡأَنفُسُ وَتَلَذُّ ٱلۡأَعۡيُنُۖ وَأَنتُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (71)

{ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ } أي : تدور عليهم خدامهم ، من الولدان المخلدين بطعامهم ، بأحسن الأواني وأفخرها ، وهي صحاف الذهب وشرابهم ، بألطف الأواني ، وهي الأكواب التي لا عرى لها ، وهي من أصفى الأواني ، من فضة أعظم من صفاء القوارير .

{ وَفِيهَا } أي : الجنة { مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ } وهذا لفظ جامع ، يأتي على كل نعيم وفرح ، وقرة عين ، وسرور قلب ، فكل ما اشتهته النفوس ، من مطاعم ، ومشارب ، وملابس ، ومناكح ، ولذته العيون ، من مناظر حسنة ، وأشجار محدقة ، ونعم مونقة ، ومبان مزخرفة ، فإنه حاصل فيها ، معد لأهلها ، على أكمل الوجوه وأفضلها ، كما قال تعالى : { لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ } { وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } وهذا هو تمام نعيم أهل الجنة ، وهو الخلد الدائم فيها ، الذي يتضمن دوام نعيمها وزيادته ، وعدم انقطاعه .