فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يُطَافُ عَلَيۡهِم بِصِحَافٖ مِّن ذَهَبٖ وَأَكۡوَابٖۖ وَفِيهَا مَا تَشۡتَهِيهِ ٱلۡأَنفُسُ وَتَلَذُّ ٱلۡأَعۡيُنُۖ وَأَنتُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (71)

{ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ } جمع صحفة وهي القصعة الواسعة العريضة ، قال الكسائي أعظم القصاع الجفنة ، ثم القصعة ، وهي تشبع عشرة ثم الصحفة ، وهي تشبع الخمسة ، ثم الميكلة ، وهي تشبع الرجلين أو الثلاثة ، والمعنى أن لهم في الجنة أطعمة يطاف عليهم بها في صحائف الذهب .

{ وَأَكْوَابٍ } أي ولهم فيها أشربة يطاف عليهم بها في الأكواب ، وهي جمع كوب قال الجوهري الكوب كوز لا عروة له والجمع أكواب ، قال قتادة الكوب المدور القصير العنق ، القصير العروة ، والإبريق المستطيل العنف الطويل العروة ، وقال الأخفش الأكواب الأباريق التي لا خراطيم لها ، وقال قطرب هي الأباريق التي ليست لها عرى ، والعروة ما يمسك منه ويسمى أذنا ، قال ابن عباس الأكواب الجرار من الفضة .

{ وَفِيهَا } أي في الجنة { مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ } أي أنفس أهل الجنة من فنون الأطعمة والأشربة ، والأشياء المعقولة والمسموعة والملموسة ونحوها . مما تتطلبه النفس وتهواه كائنا ما كان ، جزاء لهم بما منعوا أنفسهم من الشهوات في الدنيا قرأ الجمهور تشتهي وفي مصحف عبد الله ابن مسعود تشتهيه بإثبات الضمير العائد إلى الموصول .

{ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ } من كل المستلذات التي يستلذ بها ويطلب مشاهدتها ، وأعلاها النظر إلى وجهه الكريم ، جزاء ما تحملوه من مشاق الاشتياق ، تقول لذ الشيء يلذ لذاذا ولذاذة إذا وجده لذيذا أو التذ به ، وهذا حصر لأنواع النعم ، لأنها إما مشتهيات في القلوب أو مستلذات في العيون .

عن عبد الرحمن بن سابط قال : قال رجل ( يا رسول الله ، هل في الجنة خيل ؟ فإني أحب الخيل ، قال إن يدخلك الله الجنة فلا تشاء أن تركب فرسا من ياقوتة حمراء فتطير بك في أي الجنة شئت إلا فعلت ، وسأله آخر فقال : يا رسول الله هل في الجنة من إبل ؟ فإني أحب الإبل قال فلم يقل له ما قال لصاحبه فقال إن يدخلك الله الجنة يكن لك ما اشتهت نفسك ولذت عينك ) أخرجه الترمذي { وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } لا تموتون ولا تخرجون منها .