وقوله تعالى : { يطاف } قبله محذوف أي : يدخلون يطاف { عليهم } أي : المتقين الذي جعلناهم بهذا النداء ملوكاً { بصحاف من ذهب } فيها من ألوان الأطعمة والفواكه والحلوى ما لا يدخل تحت الوهم ، والصحاف جمع صَحْفَة كجفنة وجفان ، قال الجوهري : الصحفة كالقصعة والجمع صحاف ، قال الكسائي : أعظم القصاع الجفنة ثم القصعة تليها تشبع العشرة ثم الصحفة تشبع الخمسة ثم المِئكلة تشبع الرجلين والثلاثة ثم الصحيفة تشبع الرجل والصحيفة الكتاب والجمع صحف وصحائف .
ولما كانت آلة الشرب في الدنيا أقل من آنية الأكل جرى على ذلك المعهود فعبر بجمع القلة في قوله تعالى : { وأكواب } جمع كوب وهو كوز مستدير مدور الرأس لا عروة له إيذاناً بأنه لا حاجة أصلاً إلى تعليق شيء لتبريد أو صيانة عن أذى أو نحو ذلك : وقيل : هو كالإبريق إلا أنه لا عروة له ، وقيل : إنه لا خرطوم له ، وقيل : إنه لا عروة له ولا خرطوم معاً قال الجواليقي : ليتمكن الشارب من أين شاء فإن العروة تمنع من ذلك وقال عدي :
متكئاً تصفق أبوابه *** يطوف عليه العبد بالكوب
ثم إنه تعالى لما ذكر التفصيل ذكر بياناً كلياً فقال { وفيها } أي : الجنة { ما تشتهي الأنفس } من الأشياء المعقولة والمسموعة والملموسة جزاء لهم بما منعوا أنفسهم من الشهوات في الدنيا { وتلذ الأعين } أي : من الأشياء المبصرة التي أعلاها النظر إلى وجهه الكريم جزاء ما تحملوه من مشاق الاشتياق .
روي أن رجلاً قال : «يا رسول الله أفي الجنة خيل فإني أحب الخيل فقال : إن يدخلك الله الجنة فلا تشاء أن تركب فرساً من ياقوتة حمراء فتطير بك في أي الجنة شئت إلا فعلت ، فقال أعرابي : يا رسول الله أفي الجنة إبل فإني أحب الإبل فقال : يا أعرابي إن أدخلك الله الجنة أصبت فيها ما اشتهت نفسك ولذت عينك » وقرأ نافع وابن عامر وحفص بهاء بعد الياء بإثبات العائد على الموصول كقوله تعالى : { الذي يتخبطه الشيطان من المس } ( البقرة : 275 ) والباقون بغيرها بعد الياء كقوله تعالى : { أهذا الذي بعث الله رسولاً } ( الفرقان : 41 ) وهذه القراءة مشبهة بقوله تعالى : { وما عملته أيديهم } ( يس : 35 ) وهذه الهاء في هذه السورة رسمت في مصاحف المدينة والشام وحذفت من غيرها ، وقد وقع لأبي عبد الله الفاسي شارح القصيدة وهم فسبق قلمه فكتب الهاء منه محذوفة في مصاحف المدينة والشام مثبوتة في غيرها فعكس .
ولما كان ذلك لا يكمل إلا بالدوام قال تعالى عائداً إلى الخطاب لأنه أشرف وأكد { وأنتم فيها خالدون } لبقائها وبقاء كل ما فيها فلا كلفة عليهم أصلاً من خوف من زوال ولا خوف من فوات .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.