تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{لَّا يَأۡتِيهِ ٱلۡبَٰطِلُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَلَا مِنۡ خَلۡفِهِۦۖ تَنزِيلٞ مِّنۡ حَكِيمٍ حَمِيدٖ} (42)

المفردات :

كفروا بالذكر : كفروا بالقرآن ، والقرآن فيه ذكر لله ، وفيه ذكر للتشريع والأخبار السابقة واللاحقة ، وهو شرف ورفعة للعرب .

كتاب عزيز : كريم على الله ، لا تتأتى معارضته .

لا يأتيه الباطل من بين يديه : لا يأتيه الباطل من جميع جهاته .

حكيم : يضع الشيء في موضعه .

حميد : محمود على أفضاله وأفعاله .

41-42 –{ إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز * لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد } .

ما أعجب هذا القرآن ، اشتمل على الوحي والهداية وألوان البيان ، وأخبار الأمم السابقة ، وأخبار الرسل والأنبياء ، وأخبار القيامة والحساب والجزاء ، والجنة والنار ، ومع اشتماله على هذه المعاني الجميلة فقد كفر به كفار مكة ، وقابلوه بالإعراض والكنود والرفض ، وقد جاء إليهم وهم مرتاحون في بيوتهم ، يقدم لهم أفضل الطرق وأقومها .

قال تعالى : { إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا } . ( الإسراء : 9 ) .

وخبر إن محذوف تقديره : إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم خاسرون ، أو هالكون ، حيث قابلوا هداية القرآن بالكفر والتكذيب .

{ وإنه لكتاب عزيز } .

مشتمل على أسباب العزة والمنعة ، لا تتأتّى معارضته ، ولا يأتيه الباطل من جميع جهاته : لغة ، وعقيدة ، وتشريعا ، قصصا ، وانسجاما ، وترتيلا ، فهو في هذا قمة لا ترام ولا تنال .

{ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه . . . } .

لا يتطرق إليه الباطل ، أو ليس لأحد من أي جهة من جهاته ، أو جانب من جوانبه ، ولا يكذبه كتاب سابق قبله ، ولا لاحق بعده .

قال ابن كثير : أي : ليس للبطلان إليه سبيل ، لأنه منزل من رب العالمين . ا ه .

لقد تكفل الله بحفظه من الزيادة والنقصان ، ومن كل باطل أو بهتان .

قال تعالى : { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } . ( الحجر : 9 ) .

{ تنزيل من حكيم حميد } .

أنزله إله بالغ الحكمة في أقواله وأفعاله ، سابغ النعم والفضل على عباده ، حيث أنزل عليهم آخر كتبه مشتملا على التشريع والهداية ، وألوان الأدب والقصص والتاريخ ، وسنن الله في الكون ، ومشاهد القيامة وما يتصل بها من بعث وحشر ، وحساب وجنة ونار ، وثواب وعقاب ، فلله الفضل والمنة ، والحمد والشكر ، فهو الحكيم حكمة مطلقة ، والمحمود على سائر نعمه ، وإنزال كتبه وهداية خلقه ، ولله تعالى الفضل والمنة .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{لَّا يَأۡتِيهِ ٱلۡبَٰطِلُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَلَا مِنۡ خَلۡفِهِۦۖ تَنزِيلٞ مِّنۡ حَكِيمٍ حَمِيدٖ} (42)

{ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه } أي الكتب التي تقدمت لا تبطله ولا يأتي كتاب بعده يبطله وقيل إنه محفوظ من أن ينقص منه فيأتيه الباطل من بين يديه أو يزاد فيه فيأتيه الباطل من خلفه

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{لَّا يَأۡتِيهِ ٱلۡبَٰطِلُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَلَا مِنۡ خَلۡفِهِۦۖ تَنزِيلٞ مِّنۡ حَكِيمٍ حَمِيدٖ} (42)

" لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه " أي لا يكذبه شيء مما أنزل الله من قبل ولا ينزل من بعده يبطله وينسخه . قاله الكلبي . وقال السدي وقتادة : " لا يأتيه الباطل " يعني الشيطان " من بين يديه ولا من خلفه " لا يستطيع أن يغير ولا يزيد ولا ينقص . وقال سعيد بن جبير : لا يأتيه التكذيب " من بين يديه ولا من خلفه " . ابن جريج : " لا يأتيه الباطل " فيما أخبر عما مضى ولا فيما أخبر عما يكون . وعن ابن عباس : " من بين يديه " من الله تعالى : " ولا من خلفه " يريد من جبريل صلى الله عليه وسلم ، ولا من محمد صلى الله عليه وسلم . " تنزيل من حكيم حميد " ابن عباس : " حكيم " في خلقه " حميد " إليهم . قتادة : " حكيم " في أمره " حميد " إلى خلقه .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{لَّا يَأۡتِيهِ ٱلۡبَٰطِلُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَلَا مِنۡ خَلۡفِهِۦۖ تَنزِيلٞ مِّنۡ حَكِيمٍ حَمِيدٖ} (42)

ولما كان من معاني العزة أنه ممتنع بمتانة رصفه وجزالة نظمه وجلالة معانيه من أن يلحقه تغيير ما ، بين ذلك بقوله : { لا يأتيه الباطل } أي البين البطلان إتيان غلبة فيصير أو شيء منه باطلاً بيّنا ، ولما كان المراد تعميم النفي ، لا نفي العموم ، أدخل الجار فقال : { من بين يديه } أي من جهة الظاهر مثل ما أمر أخبر به عما كان قبله { ولا من خلفه } من جهة العلم الباطن مثل علم ما لم يشتهر من الكائن والآتي سواء كان حكماً أو خبراً لأنه في غاية الحقية والصدق ، والحاصل أنه لا يأتيه من جهة من الجهات ، لأن ما قدام اوضح ما يكون ، وما خلف أخفى ما يكون ، فما بين ذلك من باب الأولى ، فالعبارة كناية عن ذلك لأن صفة الله لا وراء لها ولا أمام على الحقيقة ، ومثل ذلك ليس وراء الله مرمى ، ولا دون الله منتهى ، ونحوه مما تفهم العرب ومن علم لسانها المراد به دون لبس ، ثم علل ذلك بقوله : { تنزيل } أي بحسب التدريج لأجل المصالح { من حكيم } بالغ الحكمة فهو يضع كل شيء منه في أتم محاله في وقت النزول وسياق النظم { حميد * } أي بالغ الإحاطة بأوصاف الكمال من الحكمة وغيرها والتنزه والتطهر والتقدس عن كل شائبة نقص ، يحمده كل خلق بلسان حاله إن لم يحمده بلسان قاله ، بما ظهر عليه من نقصه أو كماله ، والخبر محذوف تقديره : خاسرون لا محالة لأنهم لا يقدرون على شيء مما يوجهونه إليه من الطعن لأنهم عجزة ضعفاء صغرة كما قال المعري :

أرى الجوزاء تكبر أن تصادا *** فعاند من تطيق له عنادا

وحذف الخبر أهول لتذهب النفس كل مذهب .