تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوۡمِكُمَا بِمِصۡرَ بُيُوتٗا وَٱجۡعَلُواْ بُيُوتَكُمۡ قِبۡلَةٗ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (87)

{ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ 87 وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ 88 قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ 89 }

المفردات :

تبوءا لقومكما بمصر بيوتا : أي : اجعلا لقومكما منازل يقيمون فيها يقال : تبوأ المكان ، وتبوأ به : نزل فيه وأقام به .

واجعلوا بيوتكم قبلة : أي : اجعلوها أماكن الصلاة متجهين فيها إلى القبلة .

التفسير :

87 { وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ } .

أمر الله تعالى موسى وأخاه هارون ، بوحي أوحاه إليهما ، أن يجعلا لقومهما بمصر بيوتا خاصة بهم ، ينزلون بها ويسكنون فيها ، ويعتزلون فرعون وجنده إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا .

{ واجعلوا بيوتكم قبلة } .

أي : اجعلوا هذه البيوت التي حللتم بها مكانا لصلاتكم - وعبادتكم وكان فرعون وجنده ، قد خربوا معابد بني إسرائيل ومنعوهم من الصلاة في أماكن العبادة الخاصة بهم .

{ وأقيموا الصلاة } .

أي : حافظوا على الصلاة في خشوع وخضوع ، وحضور قلب ؛ فهي وسيلة لتثبيت الإيمان ، وتفريج الكروب وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر ؛ فزع إلى الصلاة .

{ وبشر المؤمنين } .

أي : بالنصر والفلاح في الدنيا ، والثواب في الآخرة .

تنوع الخطاب في الآية :

أول الآية فيه خطاب مثنى ، توجه الخطاب بالوحي إلى موسى وهارون ، فاتخاذ البيوت التي تخص القوم ، قرار رئيس تم بتوجيه نبي الله موسى ونبي الله هارون ، لكن تهيئة البيت ليكون معدا للصلاة ، والاتجاه جهة القبلة للعبادة ، أمر ينبغي أن يقوم به جميع المؤمنين ، وكذلك إقامة الصلاة ، أمر عام للجميع فجاء الأمر بواو الجمع .

أما البشارة بالنصر فكانت من موسى وحده ؛ لتكون أوقع في نفوس المؤمنين وأنسب في إدخال السرور عليهم ، وذهب بعض المفسرين : إلى أن المراد بالبيوت هنا : المساجد ، وتبني المساجد جهة القبلة .

قال الشوكاني في تفسير الآية :

{ تبوءا لقومكما بمصر بيوتا } . أي : اتخذوا لقومكما بمصر بيوتا ؛ لعبادة الله تعالى ، أي : مساجد ، قيل : ومصر في هذه الآية هي : الإسكندرية ، وقيل : هي مصر القديمة ، بجوار القاهرة الآن . { واجعلوا بيوتكم قبلة } . أي : متوجهة إلى جهة القبلة ، وقيل : المراد : البيوت التي يسكنون فيها ، أمروا بأن يجعلوها متقابلة ، والمراد بالقبلة على القول الأولى هي : جهة بيت المقدس ، وقيل : جهة الكعبة . ا ه .