قوله : { وَأَوْحَيْنَا إلى موسى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا } أن هي المفسرة لأن في الإيحاء معنى القول أن تبوّآ : أي : اتخذا لقومكما بمصر بيوتاً ؛ يقال : بوّأت زيداً مكاناً ، وبوّأت لزيد مكاناً ، والمبوأ : المنزل الملزوم ، ومنه بوّأه الله منزلاً : أي ألزمه إياه ، وأسكنه فيه ، ومنه الحديث : «من كذب عليّ متعمداً فليتبوّأ مقعده من النار » ومنه قول الراجز :
نحن بنو عدنان ليس شك *** تبوّأ المجد بنا والملك
قيل : ومصر في هذه الآية هي الإسكندرية ، وقيل : هي مصر المعروفة ، لا الإسكندرية { واجعلوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } أي : متوجهة إلى جهة القبلة ، قيل : والمراد بالبيوت هنا : المساجد ، وإليه ذهب جماعة من السلف . وقيل المراد بالبيوت : التي يسكنون فيها ، أمروا بأن يجعلوها منا قبلة ، والمراد بالقبلة على القول الأوّل : هي جهة بيت المقدس ، وهو : قبلة اليهود إلى اليوم . وقيل : جهة الكعبة ، وأنها كانت قبلة موسى ومن معه ؛ وقيل : المراد أنهم يجعلون بيتهم مستقبلة للقبلة ، ليصلوا فيها سرّاً لئلا يصيبهم من الكفار معرّة بسبب الصلاة ، ومما يؤيد هذا قوله : { وَأَقِيمُواْ الصلاة } أي : التي أمركم الله بإقامتها ، فإنه يفيد أن القبلة هي قبلة الصلاة ، إما في المساجد أو في البيوت ، لا جعل البيوت متقابلة ، وإنما جعل الخطاب في أوّل الكلام مع موسى وهارون ، ثم جعله لهما ولقومهما في قوله : { واجعلوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ الصلاة } ثم أفرد موسى بالخطاب بعد ذلك ، فقال : { وَبَشّرِ المؤمنين } لأن اختيار المكان مفوّض إلى الأنبياء ، ثم جعل عاماً في استقبال القبلة وإقامة الصلاة ، لأن ذلك واجب على الجميع لا يختص بالأنبياء ، ثم جعل خاصاً بموسى ؛ لأنه الأصل في الرسالة ، وهارون تابع له ، فكان ذلك تعظيماً للبشارة وللمبشر بها .
وقيل : إن الخطاب في { وبشّر المؤمنين } لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، على طريقة الالتفات والاعتراض ، والأوّل : أولى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.