تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَٱسۡتَبَقَا ٱلۡبَابَ وَقَدَّتۡ قَمِيصَهُۥ مِن دُبُرٖ وَأَلۡفَيَا سَيِّدَهَا لَدَا ٱلۡبَابِۚ قَالَتۡ مَا جَزَآءُ مَنۡ أَرَادَ بِأَهۡلِكَ سُوٓءًا إِلَّآ أَن يُسۡجَنَ أَوۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (25)

23

25 { وَاسُتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ . . . }

أي : تسابقا إلى الباب ؛ كل منهما يريد أن يسبق الآخر ، مع اختلاف المقصد ؛ فيوسف أسرع من أمامها هاربا طالبا النجاة من هذه المرأة الراغبة في الشهوة بكل ما أوتيت من وسيلة ، و زليخا أسرعت وراءه تبتغي إرجاعه ؛ حتى لا يفلت من يدها ، وهي لا تدري إذا خرج إلى أين يذهب ، ولا ماذا يقول ، ولا ماذا يفعل ؟ لكنها أدركته .

{ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ } .

أي : جذبته من قميصه فانقدّ طولا إلى ذيله .

{ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ } .

أي : وحينئذ وجدا زوجها عند الباب الخارجي ، ويوسف يسرع هاربا ، وهي تلهث وراءه طالبة ، وهي في زينتها وحلتها ، وفي وهلة المفاجأة أسرعت المرأة إلى تخليص نفسها من التهمة ، وتهديد يوسف حتى يستجيب لها ، ويعرف أن أمره بيدها .

{ قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } .

وقد ذكر المفسرون : أن هذه الجملة تدل على ذكاء المرأة وحسن تخلصها .

* فهي لم تصرح باسم يوسف ؛ تهويلا للأمر ، وتعظيما له ، كأن ذلك قانون مطرد في حق كل من أراد سوءا بأهل العزيز .

* لم تصرح بجرم يوسف ؛ حتى لا يشتد غضب العزيز عليه ، ويقسو في عقابه ؛ كأن يبيعه أو يقصيه عن الدار ؛ وذلك غير ما يريد .

* حبها الشديد ليوسف عليه السلام ؛ حملها على أن تبدأ بذكر السجن ، وتؤخر ذكر العذاب ؛ لأن المحب لا يسعى في إيلام المحبوب لاسيما أن قولها : { إلا أن يسجن } . قد يكون المراد منه

السجن لمدة يوم أو يومين . 14

{ قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } .

أي : وحينئذ قالت زليخا للعزيز : ما جزاء من أراد بأهلك فاحشة ؛ إلا أن يحبس أو عذاب مؤلم موجع ، فيضرب ضربا شديدا ، وكانت نساء مصر تلقب الزوج : بالسيد .