غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَٱسۡتَبَقَا ٱلۡبَابَ وَقَدَّتۡ قَمِيصَهُۥ مِن دُبُرٖ وَأَلۡفَيَا سَيِّدَهَا لَدَا ٱلۡبَابِۚ قَالَتۡ مَا جَزَآءُ مَنۡ أَرَادَ بِأَهۡلِكَ سُوٓءًا إِلَّآ أَن يُسۡجَنَ أَوۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (25)

21

وقوله : { واستبقا الباب } أي تسابقا إليه على حذف الجار وإيصال الفعل مثل { واختار موسى قومه } [ الأعراف : 155 ] أو على تضمين استبقا معنى ابتدرا . وإنما وحد الباب لأنه أراد الداني لا جميع الأبواب التي غلقتها . روى كعب أنه لما هرب يوسف جعل فراش القفل يتناثر ويسقط حتى خرج من الأبواب { وقدت قميصه من دبر } لأنها اجتذبته من خلفه فانقد أي انشق طولاً { وألفيا سيدها } صادفا بعلها وهو قطفير . وإنما لم يقل سيدهما لأن ملك يوسف لم يكن ملكاً في الحقيقة . روي أنهما ألفياه مقبلاً يريد أن يدخل وقيل جالساً مع ابن عم للمرأة . ثم إنه كان للسائل أن يسأل فما قالت المرأة إذ ذاك ؟ فقيل : قالت : { ما جزاء } هي استفهامية أو نافية معناه أي شيء جزاؤه ، أو ليس جزاءه إلا السجن أو العذاب الأليم . وربما فسر العذاب الأليم بالضرب بالسياط جمعت بين غرضين تنزيه ساحتها عند زوجها من الريبة والغضب على يوسف وتخويفه طمعاً في أن يواتيها خوفاً وإن لم يواتيها طوعاً . ثم إنها لحبها يوسف راعت دقائق المحبة فذكرت السجن أوّلاً ثم العذاب لأن المحب لا يريد ألم المحبوب ما أمكن . وأيضاً لم تصرح بذكر يوسف وأنه أراد بها سوءاً بل قصدت العموم ليندرج يوسف فيه . وفي قولها : { إلا أن يسجن } إشعار بأن ذلك السجن غير دائم بخلاف قول فرعون لموسى { لأجعلنك من المسجونين } [ الشعراء : 29 ] ففيه إشعار بالتأبيد .

/خ35