تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{كَمَآ أَنزَلۡنَا عَلَى ٱلۡمُقۡتَسِمِينَ} (90)

المفردات :

كما أنزلنا على المقتسمين : أي : مثل العذاب الذي أنزلناه على المقتسمين ، وهم رجال اقتسموا مداخل مكة أيام الحج ؛ لينفّروا الناس من الإسلام ، وقال الطبري : المقتسمين : اليهود والنصارى ، وكان اقتسامهم : أنهم اقتسموا الكتاب فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه .

التفسير :

{ كما أنزلنا على المقتسمين } .

تحتمل هذه الآية المعاني الآتية :

1{ ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم } ، كما آتينا من قبلك من اليهود والنصارى : التوراة والإنجيل ، وهم الذين اقتسموا القرآن وجزّءوه أجزاء ، فآمنوا ببعضه الذي وافق كتابيهما ، وكفروا ببعضه وهو ما خالفهما ، أخرج ذلك البخاري وغيره .

2 المعنى الثاني :

أن يتعلق : { كما أنزلنا على المقتسمين } . بقوله تعالى : { وقل إني أنا النذير المبين } . أي : وأنذر قريشا بالعذاب مثل ما أنزلنا على المقتسمين - يعني : اليهود وهو ما جرى على قريظة والنضير ، فجعل المتوقع بمنزلة الواقع ، وهو من الإعجاز ؛ لأنه إخبار بما سيكون ، وقد كانxxxiv .

3 المعنى الثالث :

أي : أنذر الكافرين بالعذاب ؛ { كما أنزلنا على المقتسمين } . أي : مثل ما أنزلنا من العذاب على المقتسمين ، وهم أصحاب صالح عليه السلام ، الذين تقاسموا بالله : لنبيتنه وأهله ، أي : نقتلنهم ليلا ، فأخذتهم الصيحة ، فالاقتسام من القسم لا من القسمةxxxv .

4 المعنى الرابع :

أنذر قريشا بعذاب مثل ما أنزلنا على المقتسمين ، وهم : الاثنا عشر ، اقتسموا مداخل مكة أيام الموسم ، فتعدوا في كل مدخل متفرقين ؛ لينفّروا الناس عن الإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ يقول بعضهم : لا تغتروا بالخارج منا ؛ فإنه ساحر ، ويقول الآخر : كذاب ، والآخر : شاعر ، فأهلكهم الله يوم بدر وقبله بآفات ، كالوليد بن المغيرة ، والعاص بن وائل ، والأسود بن المطلب وغيرهمxxxvi .