فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{كَمَآ أَنزَلۡنَا عَلَى ٱلۡمُقۡتَسِمِينَ} (90)

{ كَمَا أَنزَلْنَا عَلَى المُقْتَسِمِينَ ( 90 ) }

{ كَمَا أَنزَلْنَا عَلَى المُقْتَسِمِينَ } عذابا ، أي إني أنا النذير لكم من عذاب مثل عذاب المقتسمين الذي أنزلناه عليهم كقوله تعالى : { أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود } وقيل أن الكاف زائدة ، وقيل متعلق بمحذوف والتقدير أنزلنا إليك إنزالا مثل ما أنزلنا . قاله الكرخي .

وقيل هو متعلق بقوله : { ولقد آتيناك } أي أنزلنا عليك مثل ما أنزلنا على أهل الكتاب وهم المقتسمون قاله الزمخشري ، والأولى أن يتعلق بقوله : { إني أنا النذير المبين } لأنه في قوة الأمر بالإنذار .

وقد اختلف في المقتسمين من هم على أقوال سبعة ، فقال مقاتل والفراء : هم ستة عشر رجلا بعثهم الوليد بن المغيرة أيام الموسم فاقتسموا أعقاب مكة وأنقابها وفجاجها ، يقولون لمن دخل مكة لا تغتروا بهذا الخارج فينا فإنه مجنون ، وربما قالوا ساحر ، وربما قالوا شاعر ، وربما قالوا كاهن ، فقيل لهم المقتسمون لأنهم اقتسموا هذه الطرق .

وقيل إنهم قوم من قريش اقتسموا كتاب الله فجعلوا بعضه شعرا وبعضه سحرا وبعضه كهانة وبعضه أساطير الأولين ، قاله قتادة ، وقيل هم أهل الكتاب وسموا مقتسمين لأنهم كان يقسمون القرآن استهزاء فيقول بعضهم هذه السورة لي وهذه لك ، روي هذا عن ابن عباس ، وقيل إنهم اقتسموا كتابهم وفرقوه وبددوه وحرفوه .

وقيل المراد قوم صالح تقاسموا على قتله فسموا مقتسمين كما قال تعالى : { تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله } .

قلت : وفي هذا الوجه قرب من حيث المقاسمة وبعد من حيث وصفهم بجعلهم القرآن عضين ، وأما الأوجه الآخرة فهي مستقيمة ، وقيل تقاسموا أيمانا تحالفوا عليها قاله الأخفش ، وقيل أنهم العاص بن وائل وعتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو جهل بن هشام وأبو البختري والنضر بن الحرث وأمية بن خلف وشيبة بن الحجاج ؛ ذكره الماوردي .