لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{كَمَآ أَنزَلۡنَا عَلَى ٱلۡمُقۡتَسِمِينَ} (90)

{ كما أنزلنا المقتسمين } يعني أنذركم عذاباً كعذاب أنزلناه بالمقتسمين ، قال ابن عباس : أراد بالمقتسمين اليهود والنصارى . وهو قول الحسن ومجاهد وقتادة : سموا بذلك لأنهم آمنوا ببعض القرآن وكفروا ببعضه ، فما وافق كتبهم آمنوا به وما خالف كتبهم كفروا به ، وقال عكرمة : إنهم اقتسموا سور القرآن فقال واحد منهم هذه السورة لي وقال : آخر هذه السورة لي ، وإنما فعلوا ذلك استهزاء به ، وقال مجاهد : إنهم اقتسموا كتبهم فآمنوا ببعضها وكفروا ببعضها ، وكفر آخرون منهم بما آمن به غيرهم . وقال قتادة وابن السائب : أراد بالمقتسمين كفار قريش سموا بذلك لأن أقوالهم تقسمت في القرآن . فقال بعضهم : إنه سحر وزعم بعضهم أنه كهانة وزعم بعضهم إنه أساطير الأولين وقال ابن السائب : سموا بالمقتسمين لأنهم اقتسموا عقاب مكة وطرقها ، وذلك أن الوليد بن المغيرة بعث رهطاً من أهل مكة . قيل ستة عشر . وقيل : أربعين . فقال لهم : انطلقوا فتفرقوا على عقاب مكة وطرقها حيث يمر بكم أهل الموسم ، فإذا سألوكم عن محمد فليقل بعضكم إنه كاهن وليقل بعضكم إنه شاعر ، وليقل بعضكم إنه ساحر فإذا جاؤوا إلي صدقتكم فذهبوا وقعدوا على عقاب مكة وطرقها يقولون لمن مر بهم من حجاج العرب : لا تغتروا بهذا الخارج الذي يدعي النبوة منا فإنه مجنون كاهن ، وشاعر . وقعد الوليد بن المغيرة على باب المسجد الحرام فإذا جاؤوا وسألوه عما قال : أولئك المقتسمون . قال : صدقوا .