النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{كَمَآ أَنزَلۡنَا عَلَى ٱلۡمُقۡتَسِمِينَ} (90)

قوله عز وجل : { كما أنزلنا على المقتسمين } فيهم سبعة أقاويل :

أحدها : أنهم أهل الكتاب من اليهود والنصارى اقتسموا القرآن فجعلوه أعضاءً أي أجزاءً فآمنوا ببعض منها وكفروا ببعض ، قاله ابن عباس .

الثاني : أنهم أهل الكتاب اقتسموا القرآن استهزاءً به ، فقال بعضهم : هذه السورة لي ، وهذه السورة لك ، فسموا مقتسمين ، قاله عكرمة .

الثالث : أنهم أهل الكتاب اقتسموا كتبهم ، فآمن بعضهم ببعضها ، وآمن آخرون منهم بما كفر به غيرهم وكفروا بما آمن به غيرهم ، فسماهم الله تعالى مقتسمين ، قاله مجاهد .

الرابع : أنهم قوم صالح تقاسموا على قتله ، فسموا مقتسمين ، كما قال تعالى

{ قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله{[1703]} } ، قاله ابن زيد .

الخامس : أنهم قوم من كفار قريش اقتسموا طرق مكة ليتلقوا الواردين إليها من القبائل فينفروهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه ساحر أو شاعر أو كاهن أو مجنون ، حتى لا يؤمنوا به ، فأنزل الله تعالى عليهم عذاباً فأهلكهم ، قاله الفراء .

السادس : أنهم قوم من كفار قريش قسموا كتاب الله ، فجعلوا بعضه شعراً وبعضه كهانة وبعضه أساطير الأولين ، قاله قتادة .

السابع : أنهم قوم أقسموا أيماناً تحالفوا عليها ، قاله الأخفش .

وقيل إنهم العاص بن وائل وعتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو جهل بن هشام وأبو البختري بن هشام والنضر بن الحارث ، وأمية بن خلف ومنبه بن الحجاج{[1704]} .


[1703]:آية 49 من سورة النمل.
[1704]:سقط من ق. وقد نقل القرطبي ذلك من المؤلف. انظر تفسيره 10/58.