التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{كَمَآ أَنزَلۡنَا عَلَى ٱلۡمُقۡتَسِمِينَ} (90)

وبذلك فإن الكاف في قوله : ( كما ) تتعلق بقوله : ( أنا النذير المبين ) أي أنذركم من العذاب كما أنزلنا على المقتسمين من العذاب . وقيل : الكاف تتعلق بقوله : " آتيناك سبعا من المثاني كما أنزلنا على المقتسمين " {[2483]} اختلفوا في المراد بالمقتسمين . وفي ذلك عدة أقوال .

منها : أنهم الذين اقتسموا طرق مكة ليصدوا الناس عن الإيمان برسول الله ( ص ) . ويقرب عددهم من أربعين . وقيل : كانوا ستة عشر رجلا بعثهم الوليد بن المغيرة أيام الموسم فاقتسموا عقبات مكة وطرقها يقولون لمن يسلكها : لا تغتروا بالخارج منها والمدعي للنبوة فإنه مجنون . وكانوا ينفرون الناس عنه بأنه ساحر أو كاهن أو شاعر ، فأنزل الله تعالى بهم الخزي والمهانة فماتوا شر ميتة . والمعنى : أنني أنذرتكم مثل ما نزل بالمقتسمين . وذلك قول ابن عباس .

ومنها : أن المقتسمين هم اليهود والنصارى . وسموا مقتسمين ؛ لأنهم جعلوا القرآن عضين ، آمنوا بما وافق التوراة وكفروا بالباقي . وقيل : لأنهم اقتسموا القرآن استهزاء به . فقال بعضهم : سورة كذا لي : وقال بعضهم : سورة كذا لي . وقال بعضهم : القرآن سحر . وقال آخرون : إنه شعر . وقال آخرون : أساطير الأولين . وتلك رواية عن ابن عباس .

ومنها : أنهم قوم صالح قد تقاسموا لنبيتنه وأهله ؛ فرمتهم الملائكة بالحجارة حتى قتلوهم . فعلى هذا ، الاقتسام من القسم وهو الخلف وليس من القسمة .


[2483]:- البيان للأنباري جـ2 ض 72.