الدم : معروف ، وهو محذوف اللام ، وهي ياء ، لقوله :
أو : واو ، لقولهم : دموان ، ووزنه فعل .
وقيل : فعل ، وقد سمع مقصوراً ، قال :
غفلت ثم أتت تطلبه *** فإذا هي بعظام ودما
ولكن على أعقابنا يقطر الدما***
في رواية من رواه كذلك ، وقد سمع مشدّد الميم ، قال الشاعر :
يا عمرو نعيك إصراراً على الحسد
الديار : جمع دار ، وهو قياس في فعل الاسم ، إذا لم يكن مضاعفاً ، ولا معتل لام نحو : طلل ، وفنى .
والياء في هذا الجمع منقلبة عن واو ، إذ أصله دوار ، وهو قياس ، أعني هذا الإبدال إذا كان جمعاً لواحد معتل العين ، كثوب وحوض ودار ، بشرط أن يكون فعالاً صحيح اللام .
فإن كان معتله ، لم يبدل نحو : واو ، قالوا : في جمع طويل : طوال وطيال .
{ وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم } : الكلام على : { تسفكون } ، كالكلام على : { لا تعبدون إلا الله } من حيث الإعراب .
وقرأ الجمهور : بفتح التاء وسكون السين وكسر الفاء .
وقرأ طلحة بن مصرف وشعيب بن أبي جمزة ؛ كذلك ، إلا أنهما ضما الفاء .
وقرأ أبو نهيك وأبو مجلز : بضم التاء وفتح السين وكسر الفاء المشددة .
وقرأ ابن أبي إسحاق : كذلك ، إلا أنه سكن السين وخفف الفاء ، وظاهر قوله : { لا تسفكون دماءكم } ، أي لا تفعلون ذلك بأنفسكم لشدّة تصيبكم وحنق يلحقكم .
وقد جاء في الحديث أمر الذي وضع نصل سيفه في الأرض وذبابه بين ثدييه ، ثم تحامل عليه فقتل نفسه .
وأخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه من أهل النار .
وصح من قتل نفسه بحديدة ، فحديدته في يده ، يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً .
وتظافرت على تحريم قتل النفس الملل .
وقال تعالى : { ولا تقتلوا أنفسكم } وقيل معناه : لا تسفكوا دماء الناس ، فإن من سفك دماءهم سفكوا دمه ، وقال :
سقيناهم كأساً سقونا بمثلها *** ولكنهم كانوا على الموت أصبرا
وقيل : معناه لا تقتلوا أنفسكم بارتكابكم ما يوجب ذلك ، كالارتداد والزنا بعد الإحصان والمحاربة ، وقتل النفس بغير حق ونحو ذلك ، مما يزيل عصمة الدماء .
وقيل : معناه لا يسفك بعضكم دماء بعض ، وإليه أشار بقوله : { لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض } ، وكان أهل دين كنفس واحدة ، قاله قتادة ، واختاره الزمخشري .
قال ابن عطية : إن الله أخذ على بني إسرائيل في التوراة ميثاقاً أن لا يقتل بعضهم بعضاً ، ولا ينفيه ، ولا يسترقه ، ولا يدعه يسترق ، إلى غير ذلك من الطاعات .
والخطاب في أخذنا ميثاقكم لعلماء اليهود الذين كانوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو مع أسلافهم .
{ ولا تخرجون أنفسكم من دياركم } معناه : لا يخرج بعضكم بعضاً ، أو لا تسيئوا جوار من جاوركم فتلجئوهم إلى الخروج من دياركم ، أو لا تفعلوا ما تخرجون به أنفسكم من الجنة التي هي داركم ، أو لا تخرجون أنفسكم ، أي إخوانكم ، لأنكم كنفس واحدة ، أو لا تفسدوا ، فيكون سبباً لإخراجكم من دياركم ، كأنه يشير إلى تغريب الجاني ، أو لا تفسدوا وتشاقوا الأنبياء والمؤمنين ، فيكتب عليكم الجلاء .
{ ثم أقررتم } : أي بالميثاق ، واعترفتم بلزومه ، أو اعترفتم بقبوله ، أو رضيتم به ، كما قال البعيث :
ولست كليبياً إذا سيم خطة *** أقر كإقرار الحليلة للبعل
{ وأنتم تشهدون } : أي تعلمون أن الله أخذه عليكم ، وأراد على قدماء بني إسرائيل ، إن كان الخطاب وارداً عليهم ، وإن كان على معاصريه ، صلى الله عليه وسلم من أبنائهم ، فمعناه : وأنتم تشهدون على أسلافكم بما أخذه الله عليهم من العهد ، إما بالنقل المتواتر ، وإما بما تتلونه من التوراة .
وإن كان معنى الشهادة الحضور ، فيتعين أن يكون الخطاب لأسلافهم .
وقال بعض المفسرين : ثم أقررتم عائد إلى الخلف ، وأنتم تشهدون عائد إلى السلف ، لأنهم عاينوا سفك دماء بعضهم بعضاً .
وقال : وأنتم تشهدون لأن الأوائل والأصاغر صاروا كالشيء الواحد ، فلذلك أطلق عليهم خطاب الحضرة .
وقيل : إن قوله وأنتم تشهدون للتأكيد ، كقولك ، فلان مقرّ على نفسه بكذا ، أشاهد عليها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.