النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِيثَٰقَكُمۡ لَا تَسۡفِكُونَ دِمَآءَكُمۡ وَلَا تُخۡرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَٰرِكُمۡ ثُمَّ أَقۡرَرۡتُمۡ وَأَنتُمۡ تَشۡهَدُونَ} (84)

قوله تعالى : { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُ مِّن دِيَارِكُمْ } أما النفس فمأخوذة من النفاسة ، وهي الجلالة ، فنفس الإنسان أنفس ما فيه ، وأما الديار فالمنزل ، الذي فيه أبنية المقام ، بخلاف منزل الارتحال ، وقال الخليل : كل موضع حَلَّهُ قوم ، فهو دار لهم ، وإن لم يكن فيه أبنية .

فإن قيل : فهل يسفك أحد دمه ، ويخرج نفسه من داره ؟ ففيه قولان :

أحدهما : معناه لا يقتل بعضكم بعضاً ، ولا يخرجه من داره ، وهذا قول قتادة ، وأبي العالية .

والثاني : أنه القصاص{[169]} الذي يقتص منهم بمن قتلوه .

وفيه قول ثالث : أن قوله " أنفسكم " أي إخوانكم فهم كنفس واحدة .


[169]:المراد لا يقتل أحد غيره حتى يقتص منه فيكون قتله لغيره سببا في قتل نفسه فنهوا عن ذلك. وهذا التأويل فيه بعد وإن كان صحيح المعنى ويمكن أن يشمل النهي عن قتل الإنسان نفسه بالانتحار.