تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّآ إِفۡكٌ ٱفۡتَرَىٰهُ وَأَعَانَهُۥ عَلَيۡهِ قَوۡمٌ ءَاخَرُونَۖ فَقَدۡ جَآءُو ظُلۡمٗا وَزُورٗا} (4)

شبهات المشركين والرد عليها .

{ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاؤُوا ظُلْمًا وَزُورًا ( 4 ) وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ( 5 ) قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا ( 6 ) وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا ( 7 ) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا ( 8 ) انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا ( 9 ) } .

المفردات :

إفك : كذب .

افتراه : الافتراء : الاختلاق والكذب .

جاءوا : أتوا .

ظلما : جورا وعدولا عن الصواب .

زورا : كذبا ، فهم نسبوا القبيح إلى القرآن ، وهو مبرأ منه .

التفسير :

4 – { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاؤُوا ظُلْمًا وَزُورًا } .

ادعى مشركو مكة أن محمد افترى القرآن واختلقه ، وقاله من عند نفسه ، وقد استعان بمن أسلم من أهل الكتاب حيث تبناهم ورعاهم ، ولكون هذه التهمة ساقطة من تلقاء نفسها ، أجاب عنها القرآن إجابة مجملة فقال :

فَقَدْ جَاؤُوا ظُلْمًا وَزُورًا .

أي : ادعوا هذه الدعوى الباطلة المائلة عن الحق ، المتصفة بالزور والبهتان والكذب ، فشتان بين كلام المخلوق ، وكلام الخالق ، فالعرب كانوا أرباب الفصاحة والبلاغة ، ويدركون ويميزون درجات الفصاحة والبلاغة ، وقد أحسوا بما في القرآن من إعجاز وبيان لا يقدر عليه بشر ، ثم غالبوا هذا الحق ، وادعوا أن محمدا ينقل القرآن عن أهل الكتاب ، مع أن محمدا تحداهم أن يأتوا بمثله أو بعشر سور منه ، أو بسورة واحدة ، فعجزوا ولزمهم العجز ، وكانوا أحرص الناس على الانتصار ، فقد قاتلوا محمدا وقاتلهم ، وقاوموا دعوته بكل ما يستطيعون من سبيل ، وإذا كان محمد ينقل عن أهل الكتاب ، فلماذا لم ينقلوا هم كما نقل ، ويقدموا سورة واحدة تحفظ ماء وجوههم ، خصوصا بعد أن تحداهم القرآن ، ووصمهم بالعجز ، حيث قال تعالى : { فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ . . . } ( البقرة : 24 ) .

وقال عز شأنه : { قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا } . ( الإسراء : 88 ) .