التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّآ إِفۡكٌ ٱفۡتَرَىٰهُ وَأَعَانَهُۥ عَلَيۡهِ قَوۡمٌ ءَاخَرُونَۖ فَقَدۡ جَآءُو ظُلۡمٗا وَزُورٗا} (4)

ثم حكى - سبحانه - بعض الشبهات التى أثارها المشركون حول القرآن الكريم الذى أنزله على نبيه صلى الله عليه وسلم فقال : { وَقَالَ الذين كفروا . . . . } .

الإفك : أسوأ الكذب . يقال : أفك فلان - كضرب وعلم - أفكا ، إذا قال أشنع الكذب وأقبحه .

والزور فى الأصل : تحسين الباطل . مأخوذ من الزورِ وهو الميل وأطلق على الباطل زور لما فيه من الميل عن الصدق إلى الكذب ، ومن الحق إلى ما يخالفه .

أى : وقال الذين كفروا فى شأن القرآن الكريم الذى أنزله الله - تعالى - على نبيه صلى الله عليه وسلم ، ما هذا إلى كذب وبهتان { افتراه } واختلقه محمد صلى الله عليه وسلم من عند نفسه ، { وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ } أى وأعانه وساعده على هذا الاختلاق { قَوْمٌ آخَرُونَ } من اليهو أو غيرهم ، كعداس - مولى حويطب بن عبد العزى - ويسار - مولى العلاء بن الحضرمى - وأبى فكيهة الرومى . وكان هؤلاء من أهل الكتاب الذين أسلموا .

وقوله - تعالى - : { فَقَدْ جَآءُوا ظُلْماً وَزُوراً } رد على أقوال الكافرين الفاسدة وجاءوا بمعنى فعلوا ، وقوله : { ظُلْماً } منصوب به . والتنوين للتهويل .

أى : فقد فعل هؤلاء الكافرون بقولهم هذا ظلما عظيما وزورا كبيرا ، حيث وضعوا الباطل موضع الحق ، والكذب موضع الصدق .

ويصح أن يكون قوله : { ظُلْماً } منصوبا بنزع الخافض أى : فقد جاءوا بظلم عظيم ، وكذب فظيع ، انحرفوا به عن جادة الحق والصواب .