الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّآ إِفۡكٌ ٱفۡتَرَىٰهُ وَأَعَانَهُۥ عَلَيۡهِ قَوۡمٌ ءَاخَرُونَۖ فَقَدۡ جَآءُو ظُلۡمٗا وَزُورٗا} (4)

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله { وأعانه عليه قوم آخرون } قال : يهود { فقد جاءوا ظلماً وزوراً } قال : كذباً .

وأخرج ابن إسحق وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس . أن عتبة وشيبة ابني ربيعة ، وأبا سفيان بن حرب ، والنضر بن الحارث ، وأبا البختري ، والأسود بن المطلب ، وزمعة بن الأسود ، والوليد بن المغيرة ، وأبا جهل بن هشام ، وعبد الله بن أمية ، وأمية بن خلف ، والعاصي بن وائل ، ونبيه بن الحجاج . اجتمعوا فقال بعضهم لبعض : ابعثوا إلى محمد فكلموه وخاصموه حتى تعذروا منه ، فبعثوا إليه أن أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليكلموك قال : فجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا له : يا محمد إنا بعثنا إليك لنعذر منك . فإن كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب به مالاً جمعنا لك من أموالنا ، وإن كنت تطلب الشرف فنحن نسودك ، وإن كنت تريد ملكاً ملكناك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما لي مما تقولون . ما جئتكم به أطلب أموالكم ، ولا الشرف فيكم ، ولا الملك عليكم ، ولكن الله بعثني إليكم رسولاً ، وأنزل علي كتاباً ، وأمرني أن أكون لكم بشيراً ونذيراً ، فبلغتكم رسالة ربي ، ونصحت لكم ، فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة ، وإن تردوه علي أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم .

قالوا : يا محمد فإن كنت غير قابل منا شيئاً مما عرضنا عليك [ ] قالوا : فإذا لم تفعل هذا فسل لنفسك وسل ربك أن يبعث معك ملكاً يصدقك بما تقول ، ويراجعنا عنك ، وسله أن يجعل لك جناناً ، وقصوراً من ذهب وفضة تغنيك عما تبتغي - فإنك تقوم بالأسواق ، وتلتمس المعاش كما نلتمسه - حتى نعرف فضلك ومنزلتك من ربك إن كنت رسولاً كما تزعم . فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أنا بفاعل . ما أنا بالذي يسأل ربه هذا ؛ وما بعثت إليكم بهذا ولكن الله بعثني بشيراً ونذيراً ، فأنزل الله في قولهم ذلك { وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام } إلى قوله { وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيراً } أي جعلت بعضكم لبعض بلاء لتصبروا ، ولو شئت أن أجعل الدنيا مع رسولي فلا تخالفوه لفعلت » .

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله { وقال الظالمون إن تتبعون } قاله الوليد بن المغيرة وأصحابه يوم دار الندوة .

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله { أنظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلاً } قال : مخرجاً يخرجهم من الأمثال التي ضربوا لك وفي قوله { تبارك الذي إن شاء جعل لك خيراً من ذلك جنات تجري } قال : حوائط { ويجعل لك قصوراً } قال : بيوتاً مبنية مشيدة . كانت قريش ترى البيت من حجارة قصراً كائناً ما كان .