تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{قَالُواْ يَٰوَيۡلَنَا مَنۢ بَعَثَنَا مِن مَّرۡقَدِنَاۜۗ هَٰذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَصَدَقَ ٱلۡمُرۡسَلُونَ} (52)

48

المفردات :

الويل : الهلاك .

من مرقدنا : من منامنا ، أو من موتنا .

التفسير :

52 { قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ } .

وحين بُعث الناس من قبورهم ، تساءل الكفار ، وقالوا : يا هلاكنا من هول ما نشاهد ، من الذي أحيانا وبعثنا من قبورنا ؟ ! وهو تساؤل الإنسان عندما يشاهد هولا ، فيقول : يا ويلتي ، أي : يا هلاكي احضر فهذا أول حضورك ، وهي كلمة تقال للتعبير عن الحزن والأسى لما يراه الإنسان مثل قوله تعالى : { يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولا } [ الفرقان : 28 ، 29 ] .

ونلاحظ أن الكفار كانوا ينكرون البعث والحساب والجزاء ، والقبر إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار ، والقبر أصعب مما قبله وأخفّ مما بعده ، فإذا شاهد الكفار جهنم وأيقنوا بما فيها من عذاب ، رأوا أنّ ما كانوا فيه في القبر مثل الرقاد .

وروي عن ابن عباس : أن الله تعالى يرفع عنهم العذاب بين النفختين فيرقدون ، فإذا بعثوا بالنفخة الثانية ، وشاهدوا الأهوال قالوا ذلك : { يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا . . . }

فيقول لهم الله تعالى : { هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ } . وقيل : من جهة الملائكة .

وقال قتادة ومجاهد : من قبل المؤمنين .

وقال ابن زيد : هذا الجواب من قبل الكفار ، على أنهم أجابوا أنفسهم ، حيث تذكّروا ما سمعوه من المرسلين ، أو أجاب بعضهم بعضا : { هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ } .

أي : هذا ما وعد الرحمان عباده ، بالبعث والحشر والجزاء ، وقد صدق المرسلون في رسالاتهم التي حملوها إلينا ، مذكّرين بالبعث بعد الموت ، والجزاء العادل لكل إنسان بما عمله .

قال ابن كثير : ولا منافاة بين هذه الأقوال إذ الجمع ممكن . ا ه .

أي أن هؤلاء الكفار يسمعون الجواب من عند الله ، وتحمله الملائكة ، وينطق به المؤمنون ، ويردده الكفار أنفسهم ، بل الكون والمشهد كله ينطق بلسان الحال ولسان المقال : { هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ } .

وفي معنى الآية قوله تعالى : { وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ * هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } [ الصافات : 20 ، 21 ] .

وقوله تعالى : { وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب . . . } [ النحل : 77 ] .