تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَلَقَدۡ خَلَقۡنَٰكُمۡ ثُمَّ صَوَّرۡنَٰكُمۡ ثُمَّ قُلۡنَا لِلۡمَلَـٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ لَمۡ يَكُن مِّنَ ٱلسَّـٰجِدِينَ} (11)

المفردات :

ولقد خلقناكم ثم صورناكم : أي : خلقنا أباكم آدم طينا غير مصور ؛ ثم صورناه أبدع تصوير ، بأحسن تقويم سرى إليكم .

التفسير :

ولقد خلقاكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين .

أي : ولقد خلقنا أباكم آدم من طين غير مصور ، ثم صورناه بعد ذلك وأنتم بالتبع ، وقيل : المعنى : ولقد خلقنا الأرواح أولا ، ثم صورنا الأشباح .

جاء في تفسير أبي السعود : وفي هذه الآية تذكير لنعمة عظيمة فائقة على آدم عليه السلام سارية إلى ذريته لشكرهم كافة . بالرمز إلى أن لهم حظا من خلقه وتصويره ، إذ الكل مخلوق في ضمن خلقه مصنوع على شاكلته .

أي : خلقنا أباكم آدم طينا غير مصور ، ثم صورناه أبدع تصوير وأحسن تقويم ساد إليكم جميعا ( 29 ) .

ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين .

أي : أمرنا الملائكة بالسجود لآدم سجود تعظيم وخضوع وتحية ، لا عبادة فامتثلوا الأمر ، وفعلوا السجود بعد الأمر ، من غير تلعثم أو تباطؤ .

إلا إبليس لم يكن من الساجدين .

أي : لكن إبليس لم يسجد وأبى السجود ؛ تكبرا .

هل كان إبليس من الملائكة ؟

للعلماء في ذلك رأيان :

أحدهما أنه كان منهم ، أو مقيما معهم فنسب إليهم .

جاء في تفسير أبي السعود : لما أنه كان جنيا مفردا مغمورا بألوف من الملائكة متصفا بصفاتهم فغلبوا عليه في فسجدوا ثم استثنى استثناء واحد منهم ، أو لأن من الملائكة جنسا يتوالدون يقال لهم : الجن ( 20 ) .

الرأي الثاني : أن إبليس ليس من الملائكة . لقوله تعالى :

إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه . ( الكهف : 50 ) فهو أصل الجن كما أن آدم أصل الإنس ، ولأنه خلق من نار والملائكة خلقوا من نور ، ولأن له ذرية ولا ذرية للملائكة .