تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{كِتَٰبٌ أُنزِلَ إِلَيۡكَ فَلَا يَكُن فِي صَدۡرِكَ حَرَجٞ مِّنۡهُ لِتُنذِرَ بِهِۦ وَذِكۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِينَ} (2)

المفردات :

حرج : ضيق . يقال : حرج المكان ، أو الصدر يحرج حرجا ، ضاق ، وهو كقوله تعالى : فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك . ( هود : 12 ) . والحرج أيضا شدة الضيق .

كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه . . . الآية .

أي : هذا كتاب كريم أنزلناه إليك يا محمد فيه هداية الثقلين ، فبلغ تعاليمه للناس ، ولا تحزن أو تضجر إذا وجدت من بعضهم صدودا عنك ، فما عليك إلا البلاغ ، وعلى الله الحساب .

ولقد كان صلى الله عليه وآله وسلم يتألم ويحزن ؛ لانصراف قومه عن هداية الله رغم وضوحها وبيانها ، وكان القرآن الكريم يواسيه ويحثه على الصبر والتسلية ، وعدم الحزن ، كما في قوله تعالى : لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين . ( الشعراء : 3 ) .

وكما في قوله تعالى : ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون .

( الحجر : 97 ) .

وكما في قوله سبحانه : ليس عليك هداهم . . . ( البقرة : 272 ) .

وكما في قوله تعالى : إن عليك إلا البلاغ . . . ( الشورى : 48 ) .

وقريب من ذلك قوله سبحانه : فلا تأس على القوم الفاسقين .

( المائدة : 26 ) .

وقوله تعالى : فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون . ( فاطر : 8 ) .

وقد فسر بعض العلماء الحرج بالشك وهو معنى مجازي للحرج ، أي : لا يكن في صدرك شك ولا لبس في كون هذا القرآن كتاب الله .

قال الآلوسي :

قوله تعالى : فلا يكن في صدرك حرج منه . أي : شك ، وأصله : الضيق واستعماله في الشك مجاز علاقته اللزوم ، فإن الشاك يعتريه ضيق الصدر ، كما أن المتيقن يعتريه انشراحه وانفساحه .

لتنذر به .

أي : لتنذر به قومك وسائر الناس .

وذكرى للمؤمنين .

أي : لتذكر به أهل الإيمان والطاعة ذكرى نافعة مؤثرة ؛ لأنهم هم المستعدون لذلك ، وهم المنتفعون بإرشادك ، فالكتاب يذكرهم آنا بعد آن بربهم ، وما يحق له من الطاعة .

قال تعالى : وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين . ( الذاريات : 55 ) .

وقال تعالى : تبصرة وذكرى لكل عبد منيب . ( ق : 8 ) .

وقال تعالى : إنما يتذكر أولوا الألباب . ( الزمر : 9 ) .