تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَٱذۡكُرُوٓاْ إِذۡ جَعَلَكُمۡ خُلَفَآءَ مِنۢ بَعۡدِ عَادٖ وَبَوَّأَكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورٗا وَتَنۡحِتُونَ ٱلۡجِبَالَ بُيُوتٗاۖ فَٱذۡكُرُوٓاْ ءَالَآءَ ٱللَّهِ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ} (74)

المفردات :

بوأكم : أسكنكم وأنزلكم .

في الأرض : أرض الحجر بين الحجاز والشام .

سهولها : أرضها المنبسطة .

لا تعثوا : لا تفسدوا إفسادا شديدا .

73

التفسير :

74- واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض . . . الآية .

أي : اذكروا نعم الله عليكم حيث جعلكم خلفاء لقبيلة عاد في الحضارة والعمران والقوة والبأس ، بعد أن أهلكهم بسبب طغيانهم وشركهم ، ثم جعلكم ملوكا متصرفين في أرض الحجر التي كانوا يسكنونها وهي بين الحجاز والشام ، قال تعالى : ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين * وآتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين * وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين * فأخذتهم الصيحة مصبحين * فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون . ( الحجر : 80-84 ) .

وتفيد آيات القرآن أنهم كانوا في رغد من العيش ، ونعمة واسعة ، ومساكن جميلة ، ودور عالية .

تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا . . . . . . . . . . .

قيل : إنهم كانوا يسكنون الجبال في الشتاء ؛ لما في البيوت المنحوتة من القوة التي لا تؤثر فيها الأمطار والعواصف ، ولما فيها من الدفء .

أما في غير الشتاء فكانوا يسكنون السهول لأجل الزراعة والعمل .

فهم يتخذون في السهول القصور والدور الجميلة ، وينحتون في الجبال البيوت ، فهم في حضارة عمرانية ، واضحة المعالم ، وقد تمتعوا بهذا النعيم في فصول العام ، ولذلك ذكرهم صالح بأنعم الله عليهم فقال : فاذكروا ءالاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين .

أي : تذكروا نعم الله عليكم حيث متعكم بالزراعة والقصور والبيوت المنحوتة في الجبال ، فلا تغرنكم النعمة ، ولا تسيروا في طريق البطر والجحود ، ولا تكثروا الفساد في الأرض ؛ فإن النعمة تحتاج إلى شكر لمن أنعم بها . وشكر النعمة : هو استخدامها فيما خلقت له .