تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَسُيِّرَتِ ٱلۡجِبَالُ فَكَانَتۡ سَرَابًا} (20)

17

المفردات :

فكانت سرابا : مثل سراب ، وهو ما تراه نصف النهار كأنه ماء ، فإذا جئته لم تجده شيئا .

التفسير :

20- وسيّرت الجبال فكانت سرابا .

الجبال الراسية تندكّ دكّا ، وتقلع قلعا ، وتمور مورا ، وتمرّ بمراحل في طريقها إلى التلاشي .

قال تعالى : وحملت الأرض والجبال فدكّتا دكّة واحدة . ( الحاقة : 14 ) .

فتصبح الأرض مستوية ، وتتحول الجبال إلى هلام كالصوف المنفوش ، وهو رخو ليّن ، بعكس صلابة الجبال في الدنيا .

قال تعالى : وتكون الجبال كالعهن المنفوش . ( القارعة : 5 ) .

ثم ذكر القرآن أن الجبال تصير هباء ، كما قال تعالى : وبسّت الجبال بسّا* فكانت هباء منبثّا . ( الواقعة : 5 ، 6 ) .

ثم ذكر هنا أن الجبال تنسف وتخلع من أماكنها ، حتى يخيل للرائي أنها شيء وليست بشيء ، كالسراب يظنه الرائي ماء وهو في الحقيقة هباء .

قال الطبري : صارت الجبال بعد نسفها هباء منبثا لعين الناظر ، كالسراب يظنه من يراه ماء وهو في الحقيقة هباء .

قال عز شأنه : ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا* فيذرها قاعا صفصفا* لا ترى فيها عوجا ولا أمتا* يومئذ يتّبعون الداعي لا عوج له وخشعت الأصوات للرحمان فلا تسمع إلا همسا . ( طه : 105-108 ) .

إنه الانقلاب الكوني ، ونهاية الكون ، وتبدّل الأرض غير الأرض ، وتسوية الجبال بالأرض ، حتى تصبح أرضا مستوية مكشوفة مشاهد للجميع ، هذه هي أرض المحشر ، مع الخشوع التامّ ، والصمت الرهيب : يوم يقوم الناس لرب العالمين . ( المطففين : 6 ) .