فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَسُيِّرَتِ ٱلۡجِبَالُ فَكَانَتۡ سَرَابًا} (20)

{ وسيرت الجبال } عن أماكنها في الهواء كالهباء الذي هو الغبار وقلعت عن مقارها ، وقيل معنى سيرت أنها نسفت من أصولها ، ومثل هذا قوله : { وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب } { فكانت سرابا } أي هباء منبثا يظن الناظر أنها سراب ، وتخيل الشمس أنها ماء ، والمعنى أن الجبال صارت كلا شيء كما أن السراب بظن الناظر أنه ماء وليس بماء .

ذكر سبحانه أحوال الجبال بوجوه مختلفة ، ويمكن الجمع بينها بأن نقول أول أحوالها الإندكاك وهو قوله : { وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة } وثاني أحوالها أن تصير كالعهن المنفوش كما في قوله : { وتكون الجبال كالعهن المنفوش } وثالث أحوالها أن تصير كالهباء وهو قوله : { وبست الجبال بسا فكانت هباء منبثا } ورابع أحوالها أن تنسف وتحملها الرياح كما في قوله : { وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر من السحاب } وخامس أحوالها أن تصير سرابا أي لا شيء كما في هذه الآية .