اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَسُيِّرَتِ ٱلۡجِبَالُ فَكَانَتۡ سَرَابًا} (20)

قوله تعالى : { وَسُيِّرَتِ الجبال فَكَانَتْ سَرَاباً } .

أي : لا شيء كما أن السراب كذلك يظنه الرائي ماء وليس بماء .

وقيل : نُسفَتْ من أصُولِهَا .

وقيل : أزيلتْ عن مواضعها .

قال ابن الخطيب{[59131]} : إن الله - تعالى - ذكر أحوال الجبال بوجوهٍ مختلفةٍ ، ويمكن الجمع بينها بوجوه ، بأن تقول :

أول أحوالها : الاندِكَاكُ ، وهو قول تعالى : { وَحُمِلَتِ الأرض والجبال فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً } [ الحاقة : 14 ] .

والحالة الثانية : أن تصير كالعهنِ المنفوش ، وهو قوله تعالى : { وَتَكُونُ الجبال كالعهن المنفوش } [ القارعة : 5 ] .

والحالة الثالثة : أن تصير كالهباء ، وهو قوله تعالى : { وَبُسَّتِ الجبال بَسّاً فَكَانَتْ هَبَآءً مُّنبَثّاً } [ الواقعة : 5 ، 6 ] .

والحالة الرابعة : أن تنسف ؛ لأنها مع الأحوال المتقدمة تارة في مواضعها في الأرض ، فترسل الرياح ، فتنسفها عن وجه الأرض ، فتطيِّرها في الهواء كأنها مارة ، فمن نظر إليها يحسبها لتكاثفها أجساداً جامدة ، وهي في الحقيقة مارة ، إلا أن مرورها بسبب مرور الرياح بها مندكة منتسفة .

والحالة الخامسة : أن تصير سراباً ، أي : لأي شيء كما رؤي السراب من بعد .


[59131]:السابق.