السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{أَلَآ إِنَّ لِلَّهِ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِۗ وَمَا يَتَّبِعُ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُرَكَآءَۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنۡ هُمۡ إِلَّا يَخۡرُصُونَ} (66)

{ ألا إنّ لله من في السماوات ومن في الأرض } ملكاً وخلقاً . فإن قيل : قد ذكر الله تعالى في الآية المتقدّمة { ألا إنَّ لله ما في السماوات والأرض } بلفظ ما وقال هنا بلفظ من فما فائدة ذلك ؟ أجيب : بأنه تعالى غلب في الآية الأولى ما لا يعقل على من يعقل لكثرته ، وفي هذه غلب العاقل على غيره لشرفه ، وقيل : مجموع الآيتين دال على أنّ الكل خلقه وملكه ، وقيل : إنّ المراد بمن في السماوات الملائكة ، وبمن في الأرض الثقلان ، وإنما خصهم بالذكر لشرفهم ، وإذا كان هؤلاء في ملكه وتحت قهره فما لا يعقل منها أحق أن لا يكون له ندّا وشريكاً فهو كالدليل على قوله تعالى : { وما يتبع الذين يدعون } أي : يعبدون { من دون الله } أي : غيره أصناماً { شركاء } على الحقيقة وإن كانوا يسمونها شركاء تعالى الله عن ذلك { إنّ } أي : ما { يتبعون } في ذلك { إلا الظنّ } أي : ظنها أنها آلهة تشفع لهم وأنها تقربهم إلى الله تعالى ، ثم بيّن تعالى أنّ هذا الظنّ لا حكم له بقوله تعالى : { وإن } أي : ما { هم إلا يخرصون } أي : يكذبون في ذلك ، ويجوز أن يكون { وما يتبع } في معنى الاستفهام ، أي : وأيّ شيء يتبعون ، و{ شركاء } على هذا نصب بيدعون ، وعلى الأوّل بيتبع ، وكان حقه { وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء } شركاء فاقتصر على أحدهما للدلالة .