السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَٱمۡرَأَتُهُۥ قَآئِمَةٞ فَضَحِكَتۡ فَبَشَّرۡنَٰهَا بِإِسۡحَٰقَ وَمِن وَرَآءِ إِسۡحَٰقَ يَعۡقُوبَ} (71)

{ وامرأته } ، أي : إبراهيم سارّة وهي ابنة عمّ إبراهيم { قائمة } وراء الستر تسمع محاورتهم أو على رؤوسهم للخدمة فسمعت البشارة بالولد التي دل عليها فيما مضى قوله : { بالبشرى } { فضحكت } سروراً من تلك البشرى لزوجها مع كبره وربما ظنته من غيرها ؛ لأنها كانت عجوزاً عقيماً فأزيل ذلك الظنّ عنها بقوله تعالى : { فبشرناها } ، أي : على لسان الملائكة تشريفاً لها وتفخيماً لشأنها . { بإسحاق } تلده { ومن وراء إسحاق يعقوب } ، أي : يكون يعقوب عليه السلام ابنا لإسحاق عليه السلام فتعيش حتى ترى ولد ولدها . قال البقاعي : والذي يدل على هذا التقدير من أنهم بشروه بالولد قبل امرأته فسمعت فعجبت ما يأتي عن نص التوراة ، وساق عن التوراة عبارة مطوّلة . وقيل : سبب سرورها زوال الخيفة أو هلاك أهل الفساد . وقيل : فضحكت فحاضت كما قال الشاعر :

عهدي بسلمى ضاحكاً في لبانة ***

أي : حائضاً في جماعة من النساء .

وهذا يرد على الفراء حيث قال : ضحكت بمعنى حاضت لم نسمعه من ثقة ، وقال آخر : تضحك الضبع لقتلى هذيل . أراد أنها تحيض فرحاً .

تنبيه : هاهنا همزتان مكسورتان من كلمتين ، قرأ قالون والبزي بتسهيل الأولى مع المد والقصر ، وقرأ ورش وقنبل بتسيهل الثانية وإبدالها أيضاً حرف مد . وقرأ أبو عمرو بإسقاط أحدهما مع المد والقصر ، والباقون بتحقيق الهمزتين ولا ألف بينهما .