السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَجَعَلۡنَا فِي ٱلۡأَرۡضِ رَوَٰسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمۡ وَجَعَلۡنَا فِيهَا فِجَاجٗا سُبُلٗا لَّعَلَّهُمۡ يَهۡتَدُونَ} (31)

النوع الثاني من الدلائل : قوله تعالى : { وجعلنا } أي : خلقنا بما اقتضته عظمتنا { من الماء } الماء هو الدافق وغيره { كل شيء حي } مجازاً في النبات وحقيقة في الحيوان فإن قيل : قد خلق الله تعالى بعض ما هو حي من غير الماء كآدم وعيسى والملائكة ؟ أجيب : بأن هذا خرج مخرج الأغلب والأكثر ، أي : أن أكثر ما خلق الله خلق من الماء وبقاؤه بالماء ، وقيل : المراد بالماء ما نزل من السماء أو نبع من الأرض { أفلا يؤمنون } مع ظهور هذه الآيات الواضحات بتوحيدي .

النوع الثالث من الدلائل : قوله تعالى : { وجعلنا في الأرض رواسي } أي : جبالاً ثوابت كراهة { أن تميد } أي : تتحرك { بهم } قيل : إن الأرض بسطت على الماء ، فكانت تتحرك كما تتحرك السفينة في الماء ، فأرساها الله وأثبتها بالجبال .

النوع الرابع من الدلائل : قوله تعالى : { وجعلنا فيها } أي : في الرواسي { فجاجاً } أي : مسالك واسعة سهلة ، ثم أبدل منها { سبلاً } أي : مذللة للسلوك ، ولولا ذلك لتعسر أو تعذر الوصول إلى بعض البلاد { لعلهم يهتدون } إلى منافعهم من ديارهم وغيرها ، وإلى ما فيها من دلائل الوحدانية .