السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{يَعۡلَمُ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡ وَلَا يَشۡفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ٱرۡتَضَىٰ وَهُم مِّنۡ خَشۡيَتِهِۦ مُشۡفِقُونَ} (28)

ثم علل إخباره بذلك بعلمه بما هذا المخبر به مندرج فيه بقوله تعالى : { يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم } أي : ما عملوا وما هم عاملون لا تخفى عليه تعالى خافية مما قدّموا وأخروا ، ثم صرح تعالى بلازم الجملة الأولى ، فقال : { ولا يشفعون } أي : لا في الدنيا ، ولا في الآخرة { إلا لمن ارتضى } فلا تطمعوا في شفاعتهم لكم بغير رضاه تعالى ؛ قال ابن عباس والضحاك : إلا لمن ارتضى أي : لمن قال : لا إله إلا الله ، فسقط بذلك قول المعتزلة : إنّ الشفاعة في الآخرة لا تكون لأهل الكبائر ، ثم صرّح بلازم الجملة الثانية فقال : { وهم من خشيته } أي : لا من غيرها { مشفقون } أي : خائفون ، وأصل الخشية خوف مع تعظيم ، ولذلك خص بها العلماء والإشفاق خوف مع اعتناء ، فإن عدّى بمن فمعنى الخوف فيه أظهر ، وإن عدى بعلى فبالعكس .