السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَلَقَدۡ أَخَذۡنَٰهُم بِٱلۡعَذَابِ فَمَا ٱسۡتَكَانُواْ لِرَبِّهِمۡ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} (76)

{ ولقد أخذناهم بالعذاب } وذلك أنّ النبي صلى الله عليه وسلم دعا على قريش أنّ يجعل عليهم سنين كسني يوسف ، فأصابهم القحط ، فجاء أبو سفيان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أنشدك الله والرحم ألست تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين فقال : بلى ، فقال : قد قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع ، فقد أكلوا الفرث والعظام والعلهز وشكا إليه الضرع فادع الله تعالى يكشف عنا هذا القحط فدعا فكشف عنهم فأنزل الله تعالى هذه الآية .

تنبيه : العلهز وبر يخلط بدماء اللحم ، فيؤكل في الجدب والعلهز أيضاً : القراد الضخم ، وشكا بعض الأعراب إلى النبي صلى الله عليه وسلم السنة فقال :

ولا شي مما يأكل الناس عندنا *** سوى الحنظل العامي والعلهز الفسل

وليس لنا إلا إليك فرارنا *** وأين فرار الناس إلا إلى الرسل

فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم «واستسقى لرفع هذه المحن » فقال الله تعالى عنهم : { فما استكانوا } أي : خضعوا خضوعاً هو كالجبلة لهم وأصله طلب السكون { لربهم } أي : المحسن إليهم عقب المحنة { وما يتضرعون } أي : يجددون الدعاء بالخضوع والذل والخشوع في كل وقت بحيث يكون لهم عادة بل هم على ما جبلوا عليه من الاستكبار والعتو .