السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{۞وَقَالَ ٱلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ لِقَآءَنَا لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡنَا ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ أَوۡ نَرَىٰ رَبَّنَاۗ لَقَدِ ٱسۡتَكۡبَرُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ وَعَتَوۡ عُتُوّٗا كَبِيرٗا} (21)

الشبهة الرابعة : لمنكري نبوة محمد صلى الله عليه وسلم قوله تعالى : { وقال الذين لا يرجون لقاءنا } أي : لا يخافون البعث ، قال الفراء : الرجاء بمعنى الخوف لغة تهامة ، ومنه قوله تعالى : { ما لكم لا ترجون لله وقاراً } ( نوح ، 13 ) أي : لا تخافون لله عظمة { لولا } أي : هلا ولم لا { أنزل } أي : على أي وجه كان من أي منزل كان { علينا الملائكة } كما نزلت عليه فيما يزعم وكانوا رسلاً إلينا ، أو فتخبرنا بصدقه { أو نرى ربنا } بما له علينا من الإحسان ، وبما لنا نحن من العظمة بالقوة بالأموال وغيرها ، فيأمرنا بما يريد من غير حاجة إلى واسطة ؛ قال الله ردّاً عليهم : { لقد استكبروا } أي : تعظموا { في } شأن { أنفسهم } أي : أظهروا الاستكبار عن الحق ، وهو الكفر والعناد في قلوبهم واعتقدوه كما قال تعالى : { إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه } ( غافر ، 56 ) { وعتوا } أي : تجاوزوا الحد في الظلم { عتواً كبيراً } أي : بالغاً أقصى مراتبه حيث عاينوا المعجزات الظاهرة ، فأعرضوا عنها واقترحوا لأنفسهم الخبيثة ما سدت دونه مطامح النفوس القدسية ، واللام جواب قسم محذوف ، وفي فحوى هذا الفعل دليل على التعجب من غير لفظ تعجب ، ألا ترى أن المعنى ما أشد استكبارهم وما أكبر عتوهم ؟