السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قُلۡ مَن ذَا ٱلَّذِي يَعۡصِمُكُم مِّنَ ٱللَّهِ إِنۡ أَرَادَ بِكُمۡ سُوٓءًا أَوۡ أَرَادَ بِكُمۡ رَحۡمَةٗۚ وَلَا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّٗا وَلَا نَصِيرٗا} (17)

ولما كان ربما يقولون بل ينفعنا لأنا طالما رأينا من هرب فسلم ومن ثبت فاصطلم ، أمره الله تعالى بالجواب عن هذا بقوله تعالى : { قل } أي : لهم منكراً عليهم { من ذا الذي يعصمكم } أي : يجيركم ويمنعكم { من الله } المحيط بكل شيء قدرة وعلماً في حال الفرار وقبله وبعده { إن أراد بكم سوءاً } أي : هلاكاً أو هزيمة فيرد ذلك عنكم { أو } يصيبكم بسوء إن { أراد } أي : الله { بكم رحمة } أي : خيراً أسماه بها لأنه أثرها ، والمعنى : هل احترزتم في جميع أعماركم عن سوء أراده فنفعكم الاحتراز أو اجتهد غيره في منعكم رحمة منه ، فتم له أمره أو أوقع الله بكم شيئاً من ذلك فقدر أحد مع بذل الجهد على كشفه بدون إذنه ، ويمكن أن تكون الآية من الاحتباك ذكر السوء أولاً دليلاً على حذف ضده ثانياً . وذكر الرحمة ثانياً دليلاً على حذف ضدها أولاً . وهذا بيان لقوله تعالى : { لن ينفعكم الفرار } وقوله تعالى : { ولا يجدون لهم } أي : في وقت من الأوقات { من دون الله } أي : غيره { ولياً } أي : يواليهم فينفعهم بنوع نفع { ولا نصيراً } أي : ينصرهم من أمره فيرد ما أراده بهم من السوء عنهم تقرير لقوله تعالى : { من ذا الذي يعصمكم } من الله الآية .