اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{قُلۡ مَن ذَا ٱلَّذِي يَعۡصِمُكُم مِّنَ ٱللَّهِ إِنۡ أَرَادَ بِكُمۡ سُوٓءًا أَوۡ أَرَادَ بِكُمۡ رَحۡمَةٗۚ وَلَا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّٗا وَلَا نَصِيرٗا} (17)

قوله : { مَنْ ذَا الَّذِي } تقدم في البقرة ، قال الزمخشري : فإن{[43264]} قلت : كيف جعلت الرحمة قرينة السوء في العصمة ولا عصمة إلا من السوء ؟ قلت : معناه أو يصيبكم بسوء إن أراد بكم رحمة ، فاختصر{[43265]} الكلام وأجْرِيَ مُجْرَى قوله :

مُتَقَلِّداً سيفاً وَرُمْحاً{[43266]} *** . . .

أو حمل الثاني على الأول لما في العِصْمَةِ من معنى المنع قال أبو حيان : أما الوجه الأول فيه حذف جملة لا ضرورة تدعو إلى حذفها ، والثاني هو الوجه لا سيما إذا قدر مضاف محذوف أي يمنعكم من مُرَادِ الله{[43267]} ، قال شهاب الدين : وأين الثاني من الأول ولو كان معه حذف جُمَلٍ{[43268]} ؟ .

فصل :

المعنى من ذا الذي يمنعكم من الله إن أراد بكم سوءاً هزيمة أو أراد بكم رحمة نُصْرَةً ، وهذا بيان لما تقدم من قوله : { لَن يَنفَعَكُمُ الفرار } وقوله : { وَلاَ يَجِدُونَ لَهُمْ مِن دُونِ الله وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً } تقرير لقوله : { مَن ذَا الذي يَعْصِمُكُمْ مِنَ الله } أي ليس لكم شفيع أي قريب ينفعكم ولا نصير ينصركم ويدفع عنكم السوء إذا أتاكم{[43269]} .


[43264]:الكشاف 3/255.
[43265]:هكذا هي في الكشاف وما في "ب" فاختص وهو تحريف وبعد عن المعنى المراد.
[43266]:هذا عجز بيت من الكامل وصدره: يا ليت زوجك قد غدا *** ....................... وشاهده في قوله: "متقلداً سيفاً ورمحاً" فإن الظاهر أن التقليد يقع على المعطوف عليه ولكن الأصح: أن هنا محذوف تقديره: متقلداً سيفاً ومعتقلاً رمحاً لأن علماء اللغة قالوا إنه يقال: تقلد فلان سيفه ولا يقال: رمحه. وانظر: الكشاف 3/255 والبحر المحيط 7/219، والإنصاف 612، والكامل 1/334، والمقتضب 51 والخصائص 2/431 وشرح ابن يعيش 2/50 وأمالي المرتضى 1/54 و 2/260 و 375 والهمع 2/51 والأشموني 2/172 والبيضاوي 2/129.
[43267]:البحر 7/219.
[43268]:في الدُّرِّ: "حمل" كما هنا وفي النسختين جملة وانظر: الدر المصون 4/373.
[43269]:قاله الإمام الفخر الرازي 25/201 و 200.