ولما كان كأنه قيل فما تقول ؟ اهدنا إلى سبيل الحق قال تعالى : { ادعوهم } أي : الأدعياء { لآبائهم } أي : الذين ولدوهم إن علموا ولذا قال زيد بن حارثة : قال صلى الله عليه وسلم : «من دعي إلى غير أبيه وهو يعلم فالجنة عليه حرام » وأخرجه الشيخان عن سعد بن أبي وقاص ، ثم علل تعالى ذلك بقوله تعالى : { هو } أي : هذا الدعاء { أقسط } أي : أقرب إلى العدل من التبني ، وإن كان إنما هو لمزيد الشفقة على المُتَبَنَّى والإحسان إليه { عند الله } أي : الجامع لصفات الكمال ، وعن ابن عمران زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما كنا ندعوه إلا زيد ابن محمد حتى نزل القرآن { ادعوهم لآبائهم } الآية وقيل : كان الرجل في الجاهلة إذا أعجبه جلد الرجل وظرفه ضمه إلى نفسه وجعل له مثل نصيب الذكر من أولاده من ميراثه ، وكان ينسب إليه فيقال : فلان ابن فلان ، أما إذا جهلوا فهو ما ذكر بقوله تعالى : { فإن لم تعلموا آباءهم } لجهل أصلي أو طارئ { فإخوانكم } أي : فهم إخوانكم { في الدين } إن كانوا دخلوا في دينكم أي : قولوا لهم إخواننا { ومواليكم } إن كانوا محررين أي : قولوا موالي فلان ، وعن مقاتل إن لم تعلموا لهم أباً فانسبوهم إخوانكم في الدين أي : أن تقول : عبد الله وعبد الرحمان وعبيد الله وأشباههم من الأسماء ، وأن يدعى إلى اسم مولاه وقيل : مواليكم أولياؤكم في الدين .
ولما كان عادتهم الخوف مما سبق من أحوالهم على النهي لشدة ورعهم أخبرهم أنه تعالى أسقط عنهم ذلك لكونه خطأ ، وساقه على وجه يعمم ما بعد النهي أيضاً بقوله تعالى : { وليس عليكم جناح } أي : إثم وميل واعوجاج ، وعبر بالظرف ليفيد أن الخطأ لا إثم فيه بوجه ، ولو عبر بالباء لظن أن فيه إثماً ولكن يعفي عنه فقال تعالى : { فيما أخطأتم به } أي : من الدعاء بالنبوة والمظاهرة ، أو في شيء قبل النهي أو بعده ودل قوله تعالى { ولكن ما } أي : الإثم فيما { تعمدت قلوبكم } على زوال الحرج أيضاً فيما وقع بعد النهي على سبيل النسيان ، أو سبق اللسان ، ودل تأنيث الفعل على أنه لا يتعمد بعد البيان الشافي إلا قلب فيه رخاوة الأنوثة ، ودل جمع الكثرة على عموم الإثم إن لم ينته المتعمد .
تنبيه : يجوز في ما هذه وجهان :
أحدهما : أن تكون مجرورة المحل عطف على ما المجرورة قبلها بفي . والتقدير : ولكن الجناح فيما تعمدت كما مرت الإشارة إليه .
والثاني : أنها مرفوعة المحل بالابتداء ، والخبر محذوف . وتقديره : تؤاخذون به أو عليكم فيه الجناح ونحوه .
ولما كان هذا الكرم خاصاً بما تقدم عمم سبحانه وتعالى بقوله { وكان الله } أزلاً وأبداً { غفوراً } أي : من صفته الستر البليغ على المذنب التائب { رحيماً } به .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.