السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَأَقۡسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَيۡمَٰنِهِمۡ لَئِن جَآءَهُمۡ نَذِيرٞ لَّيَكُونُنَّ أَهۡدَىٰ مِنۡ إِحۡدَى ٱلۡأُمَمِۖ فَلَمَّا جَآءَهُمۡ نَذِيرٞ مَّا زَادَهُمۡ إِلَّا نُفُورًا} (42)

ولما بلغ كفار مكة أن أهل الكتاب كذبوا رسلهم قالوا : لعن الله اليهود والنصارى أتتهم الرسل فكذبوهم : { وأقسموا } أي : كفار مكة { بالله } أي : الذي لا يقسم بغيره { جهد أيمانهم } أي : غاية اجتهادهم فيها { لئن جاءهم نذير } أي : رسول { ليكونن أهدى من إحدى الأمم } أي : اليهود والنصارى وغيرهم أي : آية واحدة منها لما رأوا من تكذيب بعضها بعضاً { وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء } ( البقرة : 113 ) { فلما جاءهم نذير } أي : على ما شرطوا وزيادة وهو محمد صلى الله عليه وسلم الذي كانوا يشهدون أنه خيرهم نفساً وأشرفهم نسباً وأكرمهم خلقاً { ما زادهم } أي : مجيئه شيئاً مما هم عليه من الأحوال { إلا نفوراً } أي : تباعداً عن الهدى ؛ لأنه كان سبباً في زيادتهم في الكفر كالإبل التي كانت نفرت من ربها فضلت عن الطريق فدعاها فازدادت بسبب دعائه نفرة فصارت بحيث يتعذر أو يتعسر ردها ، فتبين أنه لا عهد لهم مع ادعائهم أنهم أوفى الناس ولا صدق عندهم مع جزمهم بأنهم أصدق الخلق .