{ ولو يؤاخذ الله } أي : بما له من صفات العلو { الناس } أي : المكلفين { بما كسبوا } أي : من المعاصي { ما ترك على ظهرها } أي : الأرض { من دابة } أي : نسمة تدب عليها كما كان في زمن نوح عليه السلام أهلك الله تعالى ما على ظهر الأرض إلا من كان في السفينة مع نوح .
فإن قيل : إذا كان الله تعالى يؤاخذ الناس بما كسبوا فما بال الدواب ؟ أجيب : بأن المطر إنعام من الله في حق العباد ، وإذا لم يستحقوا الإنعام قطعت الأمطار عنهم فيظهر الجفاف على وجه الأرض فيموت جميع الحيوانات ، وبأن خلقة الحيوانات نعمة والمعاصي تزيل النعم وتحل النقم والدواب أقرب النعم ؛ لأن المفرد أولاً ثم المركب ، والمركب إما أن يكون معدناً وإما أن يكون نامياً ، والنامي إما أن يكون حيواناً أو نباتاً ، والحيوان إما إنسان أو غير إنسان فالدواب أعلى درجات المخلوقات في عالم العناصر للإنسان .
فإن قيل : كيف يقال لما علته الخلق من الأرض وجه الأرض وظهر الأرض مع أن الظهر مقابله الوجه فهو كالمتضاد ؟ أجيب : بأن الأرض كالدابة الحاملة للأثقال والحمل يكون على الظهر ، وأما وجه الأرض فلأن الظاهر من باب والبطن والباطن من باب فوجه الأرض ظهر ؛ لأنه هو الظاهر وغيره منها باطن وبطن .
{ ولكن } لم يعاملهم معاملة المؤاخذ المناقش بل يحلم عنهم فهو { يؤخرهم } أي : في الحياة الدنيا ثم في البرزخ { إلى أجل مسمى } أي : سماه في الأزل لانقضاء أعمارهم ثم يبعثهم من قبورهم وهو تعالى لا يبدل القول لديه لما له من صفات الكمال { فإذا جاء أجلهم } أي : الفناء الإعدامي قبض كل واحد منهم عند أجله ، أو الإيجاد الإبقائي بعث كلاً منهم فجازاه بعمله { فإن الله } أي : الذي له الصفات العليا { كان } ولم يزل { بعباده } الذين أوجدهم ولا شريك له في إيجاد واحد منهم بجميع ذواتهم وأحوالهم { بصيراً } أي : بالغ البصر والعلم بمن يستحق العذاب ومن يستحق الثواب ، قال ابن عباس : يريد أهل طاعته وأهل معصيته ، وما رواه البيضاوي تبعاً للزمخشري من أنه صلى الله عليه وسلم قال : «من قرأ سورة الملائكة دعته يوم القيامة ثمانية أبواب الجنة أن ادخل من أي الأبواب شئت » حديث موضوع .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.