السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قَالُواْ مَآ أَنتُمۡ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُنَا وَمَآ أَنزَلَ ٱلرَّحۡمَٰنُ مِن شَيۡءٍ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا تَكۡذِبُونَ} (15)

{ قالوا } أي : أهل القرية للرسل { ما أنتم } أي : وإن زاد عددكم { إلا بشر مثلنا } لا مزية لكم علينا فما وجه الخصوصية لكم في كونكم رسلاً دوننا ، فجعلوا كونهم بشراً مثلهم دليلاً على عدم الإرسال ، وهذا عام في المشركين قالوا في حق محمد صلى الله عليه وسلم : { أأُنزل عليه الذّكر من بيننا } ( ص : 8 ) وقد استوينا في البشرية فلا يمكن الرجحان ، فرد الله عليهم بقوله سبحانه { الله أعلم حيث يجعل رسالته } ( الأنعام : 124 )

وبقوله تعالى : { الله يجتبي إليه من يشاء } ( الشورى : 13 ) إلى غير ذلك .

تنبيه : رفع بشر لانتقاض النفي المقتضي إعمال ما بإلا ثم قالوا { وما أنزل الرحمان } أي : العام الرحمة ، فعموم رحمته مع استوائنا في عبوديته يقتضي أن يسوي بيننا في الرحمة فلا يخصكم بشيء دوننا ، وأغرقوا في النفي بقولهم { من شيء } أي : وحي ورسالة { إن } أي : ما { أنتم إلا تكذبون } أي : في دعوى رسالة حالاً ومآلاً .