السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَلَقَدۡ أَضَلَّ مِنكُمۡ جِبِلّٗا كَثِيرًاۖ أَفَلَمۡ تَكُونُواْ تَعۡقِلُونَ} (62)

ثم ذكر ما ينبه لعداوة الشيطان بقوله تعالى : { ولقد أضل منكم } أي : عن الطريق الواضح السوي بما سلطه به من الوسوسة { جبلاً } أي : أمماً كباراً عظاماً ما كانوا كالجبال في قوة العزائم وصعوبة الانقياد ، ومع ذلك كان يلعب بهم كما تلعب الصبيان بالكرة ، فسبحان من أقدره على ذلك وإلا فهو أضعف كيداً وأحقر أمراً ، وقرأ نافع وعاصم بكسر الجيم و الباء الموحدة وتشديد اللام مع التنوين ، وقرأ أبو عمرو وابن عامر بضم الجيم وسكون الموحدة ، والباقون بضم الجيم والموحدة وكلها لغات ومعناها : الخلق والجماعة أي : خلقاً { كثيراً } ثم زاد في التوبيخ والإنكار بقوله تعالى : { أفلم تكونوا تعقلون } أي : عداوته وإضلاله ، وما حل بهم من العذاب فتؤمنوا .