السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ إِذ ظَّلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ جَآءُوكَ فَٱسۡتَغۡفَرُواْ ٱللَّهَ وَٱسۡتَغۡفَرَ لَهُمُ ٱلرَّسُولُ لَوَجَدُواْ ٱللَّهَ تَوَّابٗا رَّحِيمٗا} (64)

ولما أمر الله تعالى بطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وذم من حاكم إلى غيره وهدده وختم تهديده بأمر النبيّ صلى الله عليه وسلم بالإعراض عنه والوعظ له ، فكان التقدير فما أرسلناك وغيرك من الرسل إلا للرفق بالأمّة والصفح عنهم والدعاء لهم على غاية الجهد والنصيحة عطف عليه قوله :

{ وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع } أي : فيما يأمر به ويحكم ؛ لأن منصبه الشريف يقتضي ذلك { بإذن الله } أي : بإرادته من أنه يطاع فلا يعصى ولا يخالف { ولو أنهم إذ } أي : حين { ظلموا أنفسهم } أي : بالتحاكم إلى الطاغوت أو غيره { جاؤوك } أي : تائبين { فاستغفروا الله } بالتوبة والإخلاص { واستغفر } أي : شفع { لهم الرسول } أي : اعتذروا إليه حتى انتصب لهم شفيعاً ، وإنما عدل عن الخطاب تفخيماً لشأنه { لوجدوا الله توّاباً } عليهم { رحيماً } بهم ، وقرأ أبو عمرو بإدغام الراء في اللام بخلاف عنه .