الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ إِذ ظَّلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ جَآءُوكَ فَٱسۡتَغۡفَرُواْ ٱللَّهَ وَٱسۡتَغۡفَرَ لَهُمُ ٱلرَّسُولُ لَوَجَدُواْ ٱللَّهَ تَوَّابٗا رَّحِيمٗا} (64)

قوله تعالى : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ الله }[ النساء :64 ] .

تنبيهٌ على جلالة الرُّسُل ، أي : فأنْتَ ، يا محمَّد منهم ، تَجِبُ طاعَتُكَ ، وتتعيَّن إجابةُ الدعْوَةِ إلَيْكَ ، و{ بِإِذُنِ الله } : معناه بأمْرِ اللَّه ، و{ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ } أيْ : بالمعصيةِ ، والنِّفَاق ، وعن العتبّيِ ، قال : كُنْتُ جالساً عند قَبْرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ ، فَقَالَ : السَّلاَمُ عَلَيْكَ ، يَا رَسُولَ اللَّهِ ، سَمِعْتُ اللَّهَ تعالى يَقُولُ : { وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فاستغفروا الله واستغفر لَهُمُ الرسول لَوَجَدُواْ الله تَوَّاباً رَّحِيماً } ، وقَدْ جِئْتُكَ مُسْتَعْفِياً مِنْ ذُنُوبِي ، مُسْتَغْفِراً إلى رَبِّي ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ :[ البسيط ]

يَا خَيْرَ مَنْ دُفِنَتْ بِالْقَاعِ أَعْظُمُهُ *** فَطَابَ مِنْ طِيبِهِنَّ القَاعُ وَالأََكَمُ

نَفْسي الفِدَاءُ لِقَبْرٍ أَنْتَ سَاكِنُهُ *** فِيهِ العَفَافُ ، وَفِيهِ الجُودُ وَالكَرَمُ

قال : ثُمَّ انصرف ، فَحَمَلَتْنِي عَيْنَايَ ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي النَّوْمِ ، فَقَالَ لِي : يَا عُتْبِيُّ الحق الأَعْرَابِيَّ ، فَبَشِّرْهُ أنَّ اللَّهَ تعالى قَدْ غَفَرَ لَهُ ، انتهى من «حلية النوويِّ » ، و«سُنَنِ الصَّالحين » ، للباجيِّ ، وفيه : مُسْتَغْفِراً مِنْ ذُنُوبِي ، مستشفعاً بك إلى ربِّي .