{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ الله } تمهيد لبيان خطئهم باشتغالهم بستر نار جنايتهم بهشيم اعتذارهم الباطل وعدم إطفائها بماء التوبة أي وما أرسلنا رسولاً من الرسل لشيء من الأشياء إلا ليطاع بسبب إذنه تعالى وأمره المرسل إليهم أن يطيعوه لأنه مؤد عنه عز شأنه فطاعته طاعته ومعصيته معصيته أو بتيسيره وتوفيقه سبحانه في طاعته ، ولا يخفى ما في العدول عن الضمير إلى الإسم الجليل ، واحتج المعتزلة بالآية على أن الله تعالى لا يريد إلا الخير والشر على خلاف إرادته ، وأجاب عن ذلك صاحب «التيسير » بأن المعنى إلا ليطيعه من أذن له في الطاعة وأرادها منه ، وأما من لم يأذن له فيريد عدم طاعته فلذا لا يطيعه ويكون كافراً ، أو بأن المراد إلزام الطاعة أي وما أرسلنا رسولاً إلا لإلزام طاعته الناس ليثاب من انقاد ويعاقب من سلك طريق العناد فلا تنتهض دعواهم الاحتجاج بها على مدعاهم ، واحتج بها أيضاً من أثبت الغرض في أفعاله تعالى وهو ظاهر ، ولا يمكن تأويل ذلك بكونه غاية لا غرضاً لأن طاعة الجميع لا تترتب على الإرسال إلا أن يقال إن الغاية كونه مطاعاً بالإذن لا للكل إذ من لا إذن له لا يطيع ، وقد تقدم الكلام في هذه المسألة .
{ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ } وعرضوها للبوار بالنفاق والتحاكم إلى الطاغوت { جَاءوكَ } على إثر ظلمهم بلا ريث متوسلين بك تائبين عن جنايتهم غير جامعين حشفاً وسوء كيلة باعتذارهم الباطل وأيمانهم الفاجرة { فاستغفروا الله } لذنوبهم ونزعوا عما هم عليه وندموا على ما فعلوا . { واستغفر لهم الرسول } وسأل الله تعالى أن يقبل توبتهم ويغفر ذنوبهم ، وفي التعبير باستغفر الخ دون استغفرت تفخيم لشأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث عدل عن خطابه إلى ما هو من عظيم صفاته على طريق حكم الأمير بكذا مكان حكمت ، وتعظيم لاستغفاره عليه الصلاة والسلام حيث أسنده إلى لفظ منبيء عن علو مرتبته { لَوَجَدُواْ الله تَوَّاباً رَّحِيماً } أي لعلموه قابلاً لتوبتهم متفضلاً عليهم بالتجاوز عما سلف من ذنوبهم ، ومن فسر الوجدان بالمصادفة كان الوصف الأول : حال والثاني : بدلاً منه أو حالا من الضمير فيه أو مثله ، وفي وضع الاسم الجامع موضع الضمير إيذان بفخامة القبول والرحمة .
( هذا ومن باب الإشارة ) :{ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ } باشتغالهم بحظوظها { جَاءوكَ فاستغفروا الله } طلبوا منه ستر صفات نفوسهم التي هي مصادر تلك الأفعال { واستغفر لَهُمُ الرسول } بإمداده إياهم بأنوار صفاته { لَوَجَدُواْ الله تَوَّاباً رَّحِيماً } [ النساء : 64 ] مطهراً لنفوسهم مفيضاً عليها الكمال اللائق بها . وقال ابن عطاء في هذه الآية : أي لو جعلوك الوسيلة لدي لوصلوا إليَّ
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.