ثم رغب مرة أخرى في طاعة الرسول فقال : { وما أرسلنا من رسول } أكثر النحاة على أن " من " صلة تفيد تأكيد النفي والتقدير : وما أرسلنا رسولاً . وقيل : المفعول محذوف والتقدير : وما أرسلنا من هذا الجنس أحداً . قال الجبائي : هذه الآية من أقوى الدلائل على بطلان مذهب المجبرة لكونها صريحة في أن معصية الناس غير مرادة لله تعالى . والجواب أن إرسال الرسل لأجل الطاعة لا ينافي كون المعصية مرادة لله تعالى ، على أن قوله : { بإذن الله } أي بتيسيره وتوفيقه وإعانته يدل على أن الكل بقضائه وقدره ، وكذا لو كان المراد بسبب إذن الله في طاعة الرسول .
قيل : في الآية دلالة على أنه لا رسول إلا ومعه شريعة فإنه لو دعا إلى شرع من قبله لكان المطاع هو ذلك المتقدم ، وفيها دلالة على أن الرسل معصومون عن المعاصي وإلا لم يجب إتباعهم في جميع أقوالهم وأفعالهم . { ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم } بالتحاكم إلى الطاغوت { جاءوك } تائبين عن النفاق متنصلين عما ارتكبوا { فاستغفروا الله } من رد قضاء رسوله { واستغفر لهم الرسول } انتصب شفيعاً لهم إلى الله بعد اعتذارهم إليه من إيذائه برد قضائه { لوجدوا الله } لعلموه { تواباً رحيماً } ولم يقل : " واستغفرت لهم " لما في الالتفات عن الخطاب إلى ذكر الرسول تنبيه على أن شفاعة من اسمه الرسول من الله بمكان ، فالآية على هذا التفسير من تمام ما قبلها . وقال أبو بكر الأصم : " نزلت في قوم من المنافقين اصطلحوا على كيد في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخلوا عليه لذلك الغرض فأتاه جبريل فأخبره به فقال صلى الله عليه وسلم : إن قوماً دخلوا يريدون أمراً لا ينالونه فليقوموا فليستغفروا الله حتى أستغفر لهم فلم يقوموا . فقال : ألا يقومون فلم يفعلوا فقال صلى الله عليه وسلم : قم يا فلان حتى عدّ اثني عشر رجلاً منهم فقاموا وقالوا : كنا عزمنا على ما قلت ونحن نتوب إلى الله من ظلمنا أنفسنا فاستغفر لنا . فقال : الآن اخرجوا أنا كنت في بدء الأمر أقرب إلى الاستغفار وكان الله أقرب إلى الإجابة . اخرجوا عني "
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.