وقوله تعالى : { وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله } الآية يحتمل قوله تعالى : { بإذن الله } أي بمشيئة الله . وقيل : { بإذن الله } أي بأمر الله . وقيل : { ليطاع بإذن الله } أي بعلم الله . ومن قال : { بإذن الله } بمشيئة الله أي من أطاع الرسول صلى الله عليه وسلم إنما يطيعه بمشيئته . وكذلك من عصاه إنما يعصيه بمشيئة من أطاعه ، أو عصاه ، فإنما ذلك كله بمشيئة الله ، ومن تأول إلا بإذن الله العليم يقول : إنه يعلم من يطيعه ومن يعصيه ؛ أي كل ذلك إنما يكون بعلمه لا عن غفلة منه وسهو كصنيع ملوك الأرض إنما يستقبلهم من العصيان والخلاف ( عن غفلة ){[5887]} منهم وسهو بالعواقب . فأما الله سبحانه وتعالى ، إذا بعث رسلا بعث على علم منه بالطاعة لهم وبالمعصية ، ما* بعثهم لما تنفعه طاعة أحد ، أو تضره معصية أحد ، إنما ضر ذلك عليهم ونفعه لهم .
ثم قالت المعتزلة في قوله تعالى : { وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع } أخبر أنه ما أرسل الرسول إلا ليطاع ، وبين الرسل من لم يطع . كيف لا ؟ يتتم أن من الفعل ما قد أراد عز وجل أن يفعل ، وأن يكون ، ولكن لم يكن على ما أخبر أنه ما أرسل الرسول من الرسل{[5888]} إلا ليطاع . ثم من قد كان من الرسل{[5889]} ، ولم يطع ؟ قيل : هو ما ذكر في آخره{ إلا ليطاع بإذن الله } أي بمشيئة الله . فمن شاء من الرسل أن يطاع فقد أطيع ، ومن شاء ألا يطاع فلم يطع . وكذلك من علم أنه يطاع ، فأرسله ليطاع ، فأطيع . ومن علم أنه لافي الأصل وم : الرسول . يطاع ، فلم يطع . ومن أرسل ليطاع{[5890]} ، بأمر ليكون عليه الأمر فذلك مستقيم ، ومن أرسل ليطاع بالأمر فلا يجوز أن يطاع .
وقوله تعالى أيضا : { يطاع بإذن الله } قيل بأمر الله ، وقد مر بيانه . وقيل : { ليطاع } بمشيئة الله ، فيطيعه كل من شاء الله : يعلم الله ، فهو في من يعلم أنه يطيعه ؛ إذ لا يجوز أن يعلم الطاعة ممن لا يكون .
والمعتزلة/101-ب/ ( تقول في هذا : إنه أخبر أنه أرسل الرسول ){[5891]} ليطاع ، ولم يطعه الكل ، وما يعبد من{[5892]} يكون أراد ليطاع ، وإن كان لا يطيعه الكل . فقلنا : إذ قال : { ليطاع بإذن الله } والإذن يتوجه إلى ما ذكرت . فعلى ذلك { ليطاع } ممن يطيعه لا غير ، فحصل الأمر على الدعوى ، وهو كقوله سبحانه وتعالى : { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } ( الذاريات : 56 ) . ومعلوم أن الصغار منهم لا يعبدون ، فخرج الجزاء إلى الخصوص بالوجود ، لا أن كان في أمر أمر الإرادة في من وجد ، لا أنه في على أنه فيه يعلم . هو يرجع إلى بعض دون الكل . فمثله الإذن على إرادة المشيئة ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم } أي علموا أن حاصل ظلمهم راجع إليهم لأن الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه وهم وضعوا أنفسهم في غير موضعها ، فإذا لم يعرفوا أنفسهم لم يعرفوا خالقها .
وقوله تعالى : { جاءوك فاستغفروا الله } أي جاؤوك مسلمين تائبين عن التحاكم إلى غيرك راضين بقضائك نادمين على ما كان منهم ، واستغفر لهم الرسول ، لو{[5893]} يشفع{ لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما } أي قابلا لتوبتهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.