السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{يَعۡلَمُ خَآئِنَةَ ٱلۡأَعۡيُنِ وَمَا تُخۡفِي ٱلصُّدُورُ} (19)

ولما أمر الله تعالى بإنذار يوم الآزفة وما يعرض فيه من شدة الغم والكرب وأن الظالم لا يجد من يحميه ولا يشفع له ، ذكر اطلاعه على جميع ما يصدر من الخلق سراً وجهراً فقال تعالى : { يعلم خائنة الأعين } أي : خيانتها التي هي أخفى ما يقع من أفعال الظاهر ، جعل الخيانة مبالغة في الوصف وهو الإشارة بالعين ، قال أبو حيان : من كسر عين وغمز ونظر يفهم المراد .

ولما ذكر أخفى أفعال الظاهر أتبعه أخفى أفعال الباطن فقال تعالى : { وما تخفي الصدور } أي : القلوب فعلم من ذلك أن الله تعالى عالم بجميع أفعالهم لأن الأفعال على قسمين أفعال الجوارح وأفعال القلوب ، فأما أفعال الجوارح فأخفاها خيانة الأعين والله تعالى عالم بها فكيف الحال في سائر الأعمال ، وأما أفعال القلوب فهي معلومة لله تعالى لقوله عز وجل : { وما تخفي الصدور } .