السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{بِأَكۡوَابٖ وَأَبَارِيقَ وَكَأۡسٖ مِّن مَّعِينٖ} (18)

وقوله تعالى : { بأكواب } متعلق بيطوفون ، والأكواب جمع كوب وهي كيزان مستديرة الأفواه بلا عرى ولا خراطيم ، لا يعوق الشارب منها عائق عن شرب من أي موضع . أراد منها ، فلا يحتاج أن يحول الإناء عن الحالة التي تناوله بها ليشرب ، وقوله تعالى : { وأباريق } جمع إبريق ، وهي أوان لها عرى وخراطيم فيها من أنواع المشارب ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين ، سمى بذلك لبريق لونه من صفائه { وكأس } أي : إناء شراب الخمر { من معين } أي : خمر صافية صفاء الماء ليس يتكلف عصرها جارية من منبع لا ينقطع أبداً .

فإن قيل : كيف جمع الأكواب والأباريق وأفرد الكأس ؟ أجيب : أنّ ذلك على عادة أهل الشرب فإنهم يعدون الخمر في أوان كثيرة ويشربون بكأس واحد ، وفيها مباينتهم أهل الدنيا من حيث أنهم يطوفون بالأكواب والأباريق ولا تثقل عليهم بخلاف أهل الدنيا { لا يصدّعون عنها ولا ينزفون } .