قوله : «بِأكْوَابٍ » متعلق ب «يَطُوفُ » .
و«الأكواب » : جمع كوب ، وهي الآنيةُ التي لا عُرَى لها ولا خراطيم ، وقد مضت في «الزخرف » و«الأباريق » : جمع إبريق ، وهي التي لها عُرَى وخراطيم ، واحدها : إبريق ، وهو من آنِيَة الخَمْر ، سُمِّيَ بذلك لبريق لونه من صفائه .
أفْنَى تِلادِي ومَا جَمَّعْتُ مِنْ نَشَبٍ *** قَرْعُ القَوارِيرِ أفْواهُ الأبَارِيقِ{[54777]}
وقال عديُّ بن زيد : [ الخفيف ]
وتَدَاعَوْا إلى الصَّبُوح فَقَامَتْ *** قَيْنَةٌ فِي يَمينهَا إبْرِيقُ{[54778]}
كَأنَّ إبْرِيقَهُمْ ظَبْيٌ على شَرَفٍ *** مُقَدَّمٌ بِسَبَا الكتَّانِ مَلْثُومُ{[54779]}
ووزنه «إفْعِيل » لاشتقاقه من البريق .
قوله : { وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ } تقدم في «الصافات » .
و«المعين » : الجاري من ماء أو خمر ، غير أن المراد هنا الخمر الجارية من العيون .
وقيل : الظاهرة ، فيكون «مَعِين » مفعول من المعاينة .
وقيل : هو «فَعِيل » من المَعْنِ ، وهو الكثرة .
قال ابن الخطيب{[54780]} : هو مأخوذ من مَعن الماء إذا جرى .
وقيل : بمعنى «مَفْعُول » ، فيكون من «عانه » إذا شخصه بعينه وميزه .
قال : والأول أظهر ؛ لأن المعيون يوهم بأنه معيوب .
يقال : ضربني بعينه أي : أصابني بعينه ؛ ولأن الوصف [ بالمفعول ]{[54781]} لا فائدة فيه .
وأما الجريان في المشروب فإن كان في الماء فهو صفة مدح ، وإن كان في غيره ، فهو أمر عجيب لا يوجد في الدنيا ، فيكون كقوله تعالى : { وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ } [ محمد : 15 ] وبين أنها ليست كخمر الدُّنيا يستخرج بتكلف ومعالجة .
فإن قيل : كيف جمع الأكواب والأباريق ، وأفرد الكأس ؟ .
فالجواب : أن ذلك على عادة أهل الشرب فإنهم يعدون الخمر في أوان كبيرة ، ويشربون بكأس واحدةٍ ، وفيها مباهاتهم لأهل الدنيا من حيث إنهم يطوفون بالأكواب والأباريق ، ولا ينتقل عليهم ، بخلاف الدنيا ، أو يقال : إنما أفردت الكأس لأنها إنما تُسَمَّى كأساً إذا كانت مملوءة ، فالمراد اتخاذ المشروب الذي فيها ، وأخر الكأس مناسبة لاتصاله بالشُّرب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.